علي أبو الريش
خلوة المائة، خلوة الأفكار المتدفقة من شرايين الأنهار من عيون الآبار، من صفاء الرجال الأخيار.. خلوة الصفوة، والنخوة، ونخبة التاريخ الواصل ما بين لحظة القلق وومضة الأفق، وهي الحلم المتسرب في أحشاء الوعي، هي قصة الانتماء إلى جذور التطلع إلى واقع أشجاره السامقات أعناق رجال ما كفوا عن كتابة القصيدة على سجادة التشظي من أجل إنسان تسير غزلان السعادة عند عشب انتصاره على كل صعب وعسير.
خلوة المائة، هي المسافة ما بين القلب والقلب عندما تصبح القلوب، دروباً باتجاه المجد، عندما تصير الحياة، مضماراً لا يقبل إلا المركز الأول، لا يقبل إلا بالامتياز، وها نحن في بلد تقود الركب قيادة، طوقت الأعناق، بقلائد الفخر، وأسست للزمن معنى ومغزى، وصار الوقت لحظات تغزلها القلوب بالنبضات والخفقات والدفقات، وساعة الحقيقة تعلن عن وطر يلون الأفق بالأبيض الناصع، ساعة الحقيقة تعلن عن وطن يكتب روايته رجال أفذاذ عاهدوا الله أن يكون الوطن دوماً، نخلة وارفة الظل، وافرة الثمار، مزدهرة بأناشيد الطير وتغاريد الصباحات المشرقة.
خلوة المائة، في التلاوة فكر وفي الترتيل حبر يزهر لونه وفنه ولحنه وشجنه، ويمد للمدى شراعاً، والمركب وطن يتحدى سكون السواحل، يتحدى صمت الأنهار.
خلوة المائة، نهار يزدهر بأضواء الفكرة النيرة، وصبح يتبسم بإشراقة الوجوه المتفائلة، وزمن يخرج من معطفه، أوراق العبور إلى ضفة النهر الخصبة، وفي الخلوة صبوة الفرسان، تهيض صهوة الزمن، من أجل ومضة تشير بالبنان والبيان إلى نهضة تورق فيها أفئدة العشاق، وتزدهر الأشواق والأحداق أوراق، تسطر عبارات الوعي، وما بين السطور تكمن حكمة الراعي والساعي إلى استيلاد الفكرة من الفكرة، من أجل ميلاد جديد تتجدد معه شراشف النجوم والغيوم، وتكتسب الأرض عشبها المخملي، وتصهل الخيل معلنة رخاء الأرض وسخاء السماء، وفيض العقول، وازدهار الحقول.. خلوة المائة، الحرية التي تحب، والديمقراطية التي تقسم خبز الفكرة إلى نصفين، ليبقى الحب وحده هو القاسم المشترك، ودفء التواصل حزام الأمان والاطمئنان، هو في الأصل الهدف والمبتغى، هو الغاية لصياغة وطن، رايته مثل أجنحة الطير، صفاؤها في رخاء علوها وسخاء انشراحها.
خلوة المائة، الطريق إلى وطن يشرق بالتفوق، ويتألق بالتفرد، ويتدفق بجديد الأفكار، ولا يتحدث إلا إلى النجوم.. خلوة المائة صناعة إماراتية بحتة، هدفها أن الإنسان هو مقياس التطور، هو معيار الحقيقة.