علي ابو الريش
اللقاء مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يجعلك أمام حاكم له في فلسفة الخطاب، مثل فروسية الحكم، مثل تجلي القصيدة، مثل امتطاء صهوة الخيل. كل ذلك يبدو جلياً أمام العين عند شغاف القلب، وعلى راحة العقل. عند تقديمي كتاب رؤى فلسفية في الحكم والفروسية، وهو الدراسة التي سافرت بها بعيداً في عمق محيط «ومضات فكر» وكتاب «الرؤية» قرأت في جبين هذا الرجل الحاكم والفيلسوف، ما يستنبطه القارئ في أحشاء كتاب مفعم، منعم بالقيمة والقامة، والشيمة والشهامة، والحُلُم والحِلْم والعِلم وخير الكلم، وكل ما حباه به الله من ثراء الغيمة الممطرة. كانت اللحظة في اللقاء تمضي بالزمن، نحو ما تعطره الأزهار في بساتين الحياة، ونحو ما تغدقه الموجة من بياض على السواحل ونحو ما تنثه السحابة من عذوبة على أديم الأرض، ونحو ما تشيعه النجمة من بريق في سماء الله، ونحو ما تكلل به الشجرة من فيء على أجنحة الطير.
هذا اللقاء وبحضور القامة والمقامة والاستقامة والهامة والشهامة، وكرامة الجباه المتدفقة وعياً وسعياً باتجاه أفق تتسع دائرته، بحيث يصبح الحاكم الفيلسوف المحور والجوهر، والإطار والسوار والنهار، والمدار والمسار، والأسرار والأدوار، والمطر المدرار.
هنا في الحضور زمن يسكب رضابه، ليسرج خيول الطموحات وتمضي الجوامح، باتجاه فتوحات أصلها المعرفة، وفصلها وعي صحراوي ينبت أشجاره، ويفصح عن أسراره ويسرد أخباره لعالم يتهجى حرفي الحب، لبدء مشروع إنساني كوني، شطئانه مزروعة بدرر القلوب العاشقة، وصحاريه تلون أوراق اللوز باخضرار المشاعر والخواطر والأواصر، والمحابر والمخابر. في هذا اللقاء كان الحب حاضراً بقوة، والابتسامة المتألقة تعزف لحن الخلود لوجود مهرة المجد المجيد، والوقت السعيد، وصبوة المعنى وعمق الدلالة، هنا كان المجلس الكريم، يزهر، ويزدهر، ويزخر ويفتخر، بخير جليس، جال النظر بحد البصر، في محيط المكان، والجلاس، كالفراشات ينهلون من عذوبة وخصوبة ويملؤون أوعية القلوب من شهد الكلمات، ورغد العبارات، وإشراقة الابتسامات المكللة بعطر الرؤية، وومضات الرأي، هنا تكمن الحقيقة ويفصح الكون عن مرابعه ومراتعه، وغزلان الفكرة اليافعة في أحضان العشب القشيب، هنا يغرد الفرح أشرعة السفر في محيطات الأحلام الكبرى، وهنا توشوش الموجة للسواحل، عن غدٍ مشرق، متألق متأنق متدفق، متوافق مع قدرات مذهلة، حركت الكامن، ليصير القائد السر المكنون في كل هذا النث والبث والحث، وكل ما جاش في خاطر الكون من إبداعات مدهشة.