علي أبو الريش
الزيارات الميدانية التي يقوم بها وزير التربية والتعليم حسين الحمادي، تفتح نافذة واسعة أمام هيئات التدريس، وتشعر الطلاب أيضاً أنهم محاطون بطوق دافئ يحميهم من لظى بعض المواد الحارقة، فالشفافية طريق مزروع بأشجار الأمل وحقل زاهٍ بأزهار الدفء وألوان البهجة والسرور.
فالمناهج اليوم ليست كالأمس، وبعض المواد الدراسية يصعب على الطالب استيعابها إلا بالاستعانة بخبير، كما أن المدرسين يواجهون معضلة الوقت الطويل والمواد المكثفة وحشود الطلاب الذين يتكدسون في فصول لا تستوعب هذا العدد الهائل، إذاً فإننا نتفاءل كثيراً بهذه الجولات الميدانية، وعندما يقترب الرأس الكبير من الرؤوس الصغيرة فإنها تكبرية، وتستطيع من خلاله أن توصل ملاحظاتها حول السلبيات، ولا عيب من السلبيات لأنه ما من عمل إنساني إلا يشوبه بعض الخلل، المهم في الأمر هو الاقتراب والاستماع والأخذ بجدية، ما تواجهه العملية التعليمية من مشاكل يصعب حلها إلا من خلال المسؤول الأول عن هذه العملية، ومجتمع الإمارات ليس غريباً على مسؤولية اتخاذ هذا التقليد نبراساً، لأن الأصل في هذا البلد هو الأخذ بناصية الاستماع للرأي ثم اتباع الملاحظة كوسيلة أولى للنجاح.
مناهجنا الدراسية لاقت ما لاقت من تغيرات وتطورات، ومن خلال هذا النفض لابد من وجود الغبار، وبالتشاور والإنصات لمن هم يعيشون واقع الأمر، تستقيم المسيرة التعليمية ويفلح الأبناء في قطف أنضج الثمار.
فعندما يجلس الوزير المسؤول بجوار طالب انكب على قراءة الدرس، ويستمع إليه وينظر بإمعان إلى حشرجاته ثم يسجل ملاحظاته ويهيب بفريق العمل بأن يأخذوا كل سلبية حتى أصغرها بعين الاهتمام، فإن القافلة تسير بأمان ومن دون عوائق أو أخطاء تعرقل الوصول إلى الأهداف.
عندما يتخاطب الوزير مع المدرسين ويتجاذب معهم أطراف الحديث حول ما يكدر ويؤخر وصول الحافلة إلى بر النجاح، فإن ذلك يوثق الصلة بين الطرفين، إلى جانب أنه يغرس بذرة الثبات وصلابة الموقف لدى فريق التدريس ويشعر أنه مساءل أمام الأخطاء ومثاب عند تحقيق الإجابات الشافية، لكل مشكلة تواجه الطالب في مرحلته الدراسية.
ولأن الإمارات أصبحت رائدة في مجالات مختلفة، فإن التعليم أولوية وهدف لتثبيت وترسيخ أعمدة النجاح في تلك المجالات، فلا يفلح اقتصاد ولا يصلح عمل ثقافي ولا تصيب تربية من دون استواء التعليم على الصراط المستقيم.
التعليم هو نقطة الانطلاق لأن هدف في الحياة، والدول لا ترتقي إلا بإبداع أبنائها الذين نهلوا العلم الصحيح.
والذين غرفوا من معين أنهار العذوبة، والذين نشأوا على حبهم للعلم، وهذا الحب لا يتوافر إلا إذا توافرت تلك العلاقة الوثيقة بين من يدير العملية التعليمية ومن يتلقى التعليم.
فالأيدي الحانية مثل باقة الورد المروية من ماء نقي عذب.
والمسؤول قدوة، فإن كان ثابتاً واثق الخطوة، سار على نهجه من يتلقون منه المعرفة.
والله يوفق الجميع في مسعاهم.