علي أبو الريش
عندما نادى المنادي لضرب أوكار الإرهاب، وجدت الإمارات نفسها ملزمة أخلاقياً ودينياً ووطنياً وإنسانياً بأداء واجب دحر من يسومون الناس أجمعين، فتكاً وهتكاً، وقتلاً وتنكيلاً، وتشريداً .. الإمارات التي نشأت سياستها على التضامن مع الخير، والوقوف كتفاً بكتف مع كل من يزرع شجرة لتظلل رؤوس الناس، من لهيب الحرقات والسعي دوماً لمساندة الجهود الإنسانية في إيقاف طوفان الشر، وكبح جماحه، ودحر رماحه، وصد قدحه، ورد قبحه، وذلك لأجل مشهد كوني معافى مشافى من درن الأغبياء، وشجن الأدعياء.
ومن أجل أن تبقى الصور الإنسانية، غنية بالعطاء الجميل، ثرية بالوفاء الأصيل، لا تشوبها شائبة معتد أثيم، ولا تشوهها شائهة مشاء بنميم .. الإمارات تفعل كل ذلك، لأن قيادتها مؤمنة أن الاصطفاف من أجل هزيمة الإرهاب، هو الحقيقة من أجل إرساء الحق كقيمة وشيمة، وهو الفضيلة التي أنزلها الله على الأرض لعيش الناس متحابين، متعاونين، متعارفين، شعوباً وقبائل لا يفصل بينهم طائفي متحيز ولا شوفيني مستفز.
الإمارات تفعل ذلك لأنها تنطلق من سياسة عمادها الدين، وركيزتها القيم الوطنية، ونافذتها الأخلاق التي نشأ عليها المجتمع وسارت على خطاها الأجيال المتلاحقة .. الإمارات تفعل ذلك بقناعة راسخة لدى القيادة أننا لا نعيش في جزيرة نائية معزولة عن العالم، بل نحن جزء لا يتجزأ من هذا النسيج العالمي، ما يسره يسرنا، وما يضره يضرنا، وإذا ما اشتكى عضو في هذا العالم، فلا بد وأن نتداعى حوله ومعه، وإليه ونستدعي كل ما نملك من قوة لأجل حمايته، ودرء الأخطار عنه .. الإمارات تفعل ذلك، لأنها على يقين من أن قتل إنسان بريء، هو دحض لإرادة الإنسانية في بناء حضارة تشرق سراجاً وهاجاً، وتضيء الأرض، بمصابيح الأمل، وتملأ المقل بأحلام لا تطفئها كوابيس ولا تنكبها قواميس الجهلة وهذيان ما قبل السبات العميق.
الإمارات تشارك في تحالف دولي، وجهته مستقبل الناس جميعاً بلا وجوه مُقَنَعة، ولا أيد مترعة، بدماء الأبرياء وفي مثل هذه المواقف الفاصلة، والأحداث المكللة بالرمق الأخير، لا يقف الحياد إلا كل من غشيته غاشية، الخوف، أو الجهل بما يحدث.
الإمارات، بمثل هذه الظروف التي طوقت العالم أجمع بحراب الموت لا تجد مجالاً للجدل، ولا لطرح الأسئلة، بل إن الموقف يستدعي الإقدام نحو ساحات الوغى، لتحرير الإنسانية من بطش الطغاة وغش البغاة الذين شوهوا الدين بشعارات البؤس والرجس واليأس، والذين يريدون للإنسانية أن تعود القهقرى إلى أزمنة الجمع والالتقاط واستيطان أغصان الشجر .. الإمارات اقتحمت الموقف الجلل، بسياسة واضحة وصريحة، وفكرة راسخة بأن ضرب الإرهاب يقين المخلصين الصادقين، الذين لا تأخذهم لومة لائم في اتخاذ القرار الصائب، والكشف عن الحقيقة من دون ريبة أو مواربة .. الإمارات تشارك لأنها مؤمنة بأن تقاسم رغيف الحب أجمل من رماد المواقد الملتهبة .. حفظ الله بلادنا من كل كاره ومكروه.