علي أبو الريش
مصر القوية، حرز الحماية والرعاية والعناية، بكل ما هو عربي، وهي القيمة والشيمة عندما تكون في أحسن حالاتها، محاطة بحب الأشقاء ووفاء الأبناء، وعلو البناء.
مصر القوية، الحلم والسهم، والقيم والشيم، وتغريدة الطير على أعلى القيم، وهي النعم الموشوش عند ضفاف النيل، هي خير الكلام، لأجل الأنام، لأجل أمة عربية واحدة، متوحدة على كلمة سواء، لا تغشيها غاشية، ولا تسودها فاشية.
مصر القوية، في الزمن المتوحش، نحتاجها كثيراً، ونتمناها كثيراً، ونصبو إلى تعضيدها، وترسيخ بنيانها، واستقامة بنانها، وتوضيح بيانها، وصريح تبيانها.. مصر القوية المكان العربي في الزمان العربي الذي يحتاج وبلهف وشغف، إلى أرض الكنانة، لتكون طائر النيل، المرفوع بأجنحة الأمل، الناظر إلى محيطه، بأصنع المقل.
مصر القوية، الحد والسد واليد والقد، والجد والمد، والرد والنّد، هي في الحكاية والرواية، منذ البداية حتى النهاية.
القلب واللب، والحب والدرب، والإيجاب بلا سلب، هي مصر كما يستيقظ النيل عند ضفافه، ليحكي قصة الخلود، فإنها مصر التي تصحو باكراً، لتسرد ما جاش في خاطر كل مصر، وما دار في خلد أهراماتها الشامخة، بأن الزمن لا يمضي في سواء ورويّة من دون أن تربت مصر على كتف الأيام، ويهدهد الطير وتهفهف على أغصان الشجر، ليحلم العالم جميعاً، بأن الحياة إيمان بالقوة، وأن المصير لا يستقر ولا يهدأ إلا بوجود السواعد القابضة على زناد الحق، الممسكة بزمام الحقيقة.
مصر القوية السيف الذي يقطع دابر الشر، وينهي فصول التوحش، ويقضي على الطمع والجشع، ويعلي شأن الإنسان، ويرتب الوجدان.
مصر القوية، المنطقة التي يلوذ إليها الخير نائياً عن الشر، ويسعى إليها السلام، نابذاً الحرب، ويهدف إليها الحب نافراً من الكراهية، ويصبو إليها كل من آمن أن الإنسانية ضجت من الفرقة، ومحت أحلام المتعصبين، والغارقين في أتون الخيالات المريضة، العازفين لحن الشوفينية، النازفين عرق الكراهية، النازحين باتجاه الشعارات الدموية، الزاحفين على الركب نحو غايات رمادية، الراكضين إلى الخلف لهفاً على أوهام جهنمية، اللاهثين وراء سراب وصور طوطمية.. مصر القوية، مفتاح الحل لأزمات أغلق نوافذها، أصحاب الحلول الجزئية، وهي مصراع الأبواب الواسعة، باتجاه أفنية لا تسكنها الشياطين..
مصر القوية، نهر لا تنشف روافده طالما كان العمق صافياً وشفافاً.. مصر القوية، الطريق إلى عزة العرب، وارتفاع صوتهم واتساع صيتهم.. مصر القوية، هي التاريخ الذي يعيد نفسه، لتستعيد الذاكرة، مساحات خضراء واسعة، سكنت العقل، واستوطنت الوجدان، وصارت في القلب أشجارها وارفة، طيورها بألوان القطن طويل التيلة وبرائحة الحلم المصري وما دار في خلد العروبة.