علي أبو الريش
عندما تشاهد صورة الخميني ملصقة خلف الوكيل المعتمد للإمامية في لبنان، تشعر وكأن المتحدث يسرد قصة المأساة التاريخية الحزينة من «قم» فترتعد فرائصك، ويقشعر بدنك لهول ما ترى وتسمع.
نصر الله يتباكى على مصير الأمة، فيرعد ويزبد ويعربد ويسدد شتائمه إلى الأمة مختبئاً خلف عباءة سوداء قاتمة، مكفهراً مقفراً، مدبراً فتصاب بالرعب لموقف هذا الرجل الذي يبكي على فلسطين ويدمر سوريا ويجهش لأجل القدس ويخرب في لبنان. وكلمتا ولاية الفقيه لا تفارقان لسانه الذي صار يلحس التاريخ، كما يلفظ الجغرافي بلغة صارت دارجة بالنسبة لرئيس حزب الله. يغضب نصر الله لاصطفاف الشرفاء في لبنان إلى جانب السعودية، ويعتبر ذلك خيانة ولا يخجل هذا الرجل من بيع لبنان لحساب إيران، بل ويعتبر ذلك فخراً بالنسبة لحزبه ولشخصه. يغضب نصر الله، من دول التعاون التي اتخذت موقفاً حازماً من إيران ومن حزبه، ولا يستحي من انحيازه إلى باطل الأعمال الشريرة، التي نفذت ضد سفارتي المملكة في مشهد وطهران.
لا يصاب هذا الرجل بالأذى أبداً من تصرفات إيران في المنطقة، بدءاً من العراق، وسوريا وبلده لبنان، وانتهاء بمملكة البحرين.. بل يعتبر ذلك نضالاً، وجهاداً من أجل ماذا؟ لا ندري.
نقول لنصر الله، يا رجل، إن أبسط إنسان على وجه الأرض يعرف أن الأجندة التي تخدمها والتي صرت عبداً لها لا تخدم إلا الأوهام التاريخية لإيران، وأن ما تتحدث عنه من مآسي دينية ليست إلا شرشف قديم وعديم، باهت نامت عليه كومة من الغبار التاريخي.
ما يتباكى من أجله، ما هو إلا أحلام يقظة، يفهمها حتى المراهق، الذي يجلس عند قارعة في شارع الحمراء، ولكن نصر الله لا يمكن أن يستيقظ ولا يمكن أن يصحو من غفوته، لأنه المستفيد من هذا اللغو واللهو، والعبث العقائدي.
نصر الله، بالسلاح الإيراني صار الآمر الناهي في لبنان، نصر الله، المعطل للرئاسة، وقبلها للحكومة نصر الله، المعرقل للثقافة العروبية اللبنانية والتي كانت لها سبق الريادة والقيادة في الوطن العربي، نصر الله الذي يقف حجر عثرة، لأي تقدم في لبنان يحزن للأوضاع المتردية في غزة، وسوريا، ويحشد أتباعه، لأن يطرقوا طبول التهديد ضد أي لبناني يقول لا للشوفينية، لا للعنجهية، لا لهذا الزبد المتناثر والذي ضاعف من أكوام القمامة في لبنان. فكم هو مرتاح لهذا التصفيق، وهذا التلفيق، وهذا التحليق، لأنه يحقق عقدة نقص لدى رجل يعيش حالة الفقدان التاريخية ويمارس ضد نفسه ووطنه الجلد والسلخ الذاتي، بغية تحقيق مآرب عفى عليها الزمن.
إذاً لن يكفي نصر الله الهراء ولا الافتراء، ولن يتوقف عن مضغ واجترار بقايا ونفايات تاريخية لأنه يعيش عليها، وتتورم خدوده بسببها، ويتضخم رأسه نتيجتها.
ولم يبق أمام اللبنانيين إلا الوقوف بحزم، والتحدث بصراحة وصرامة، وقطع دابر هذا العبث.