علي ابو الريش
ومضات من حكمة، من نعمة الفكر وحشمة الدهر، تأتي كأنها الغزلان، تسير على سجادة العشب، مخضر المعرفة، ويحضر المداد، ليمد الأيام بأجنحة التجارب التي مارسها القائد بتبصر وتحضر، ويسرٍ دون عسر لأنه الفارس الحارس النابس من فحوى الشعر، ونجوى الوجدان المتألق برونق ثقافة، ماؤها من نبع الصحراء، وهواؤها من حفيف النخلة المبجلة. في نبضات من حكمة يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «تعلمنا الحياة دروساً جديدة كل يوم وتفتح لنا التجارب آفاقاً أوسع وإدراكاً أكبر مع كل تجربة، ولا تزيدنا معارفنا إلا فضولاً لاستكشاف المزيد والجديد. وأثناء مسيرتنا وتجاربنا نصادف ومضات وإضاءات من حكمة، أو هكذا نظن فنوثقها ونقيدها على صفحات الكتب لعلَّ الله ينفع بها أجيالنا وأوطاننا وشبابنا. نهديهم اليوم بعض هذه الصفحات وشيئاً من هذه الومضات».
من هذه المقولة نرتشف حكمة المفكر وفطنة الفيلسوف ومهنة محترف التفكير، الذي يولِّد من الفكرة فكرة جديدة، وينتج من التجربة تجربة أخرى تضاعف من سماكة البنيان، ووضوح البيان، ليقدم للعالم خلاصة معرفة ممتدة كامتداد جذوع الشجر، واسعة كاتساع المحيط، عميقة كعمق الأنهار في كتاب ومضات من حكمة، نرتوي، لنروي مداد القلم بخير النعم، ونلون الأوراق بريشة الأشواق، ونحن العشاق، تملأنا الكلمة، معاني ودلالة وتثرينا معرفة العارفين وجداً وإطلاعاً إلى ما يفيض به هذا المخزون الثقافي من نثر الحكمة وشعر الكلمة، ولا تزال نواصي الزمن زاخرة بهذا العطاء الثري، وهذا السخاء الأغر، وهذا النقاء في الفلسفة وهذا الوفاء للمعرفة وهذا الولاء للرؤية المحترفة. سمو الشيخ محمد بن راشد، يقدم لنا في هذا الكتاب ما يفيد لخلاص البشرية من شوائب وخرائب ونوائب، يذهب بنا بعيداً عند ضفاف المعاني الجليلة، لنخرج معاً، نحو فضاء تظلله الغيمة الممطرة، وسجادته مكانة على الأرض مسطرة، والأفق يكمن المعنى، في الأفق، يومض الحق، وتشع الحقيقة، لتلقي ضوءاً على مكان وعلى زمان أسرج خيلهما رجل من هذا الوطن، فارس أفقه بلا حدود، وتألقه بلا سدود، ومن يقرأ تفاصيل دبي في جملة التطور يعرف أن أوطاناً تصنع رجالاً، وأن رجالاً يصنعون أوطاناً، وهذا هو محمد بن راشد، على سرج المعرفة وضع الوطن ووثب به نحو غايات ورايات وسار بأشجان الناس، عند شفة القصيدة التي أخذت بنيانها من طاقة دبي، ولبست فستانها من جمال المشاعر التي يتمتع بها سموه.