محمد الجوكر
ــ تمثل كرة القدم في حياة الشعوب، ثقلاً اجتماعياً خطيراً مؤثراً، في سلوكيات الناس ومحبي هذه اللعبة المجنونة، ما أفرد لها حيزاً كبيراً بين الأوساط الرسمية والشعبية، فليس غريباً أن نشاهد صراعاً سياسياً اقتصادياً سببه «كرة القدم»، وهذا الواقع نعايشه يومياً، خاصة بين الدول الكبرى التي تتنازع من أجل استضافة كبرى بطولات العالم، ولم تعد المنافسة محصورة داخل المستطيل الأخضر..
حيث تجاوزت ذلك، فأصبح الصراع دائراً بين الهيئات والاتحادات، من أجل كسب ود هذه اللعبة الأكثر انتشاراً، وأتوقف هنا مع ما حذر منه الأخ يوسف السركال رئيس مجلس إدارة اتحاد كرة القدم، أندية دوري المحترفين من الإسراف في الإنفاق على صفقات تعاقدات اللاعبين، سواء المحليين أو الأجانب، بعد أن اطلع على هذه الصفقات وما تصرفه أنديتنا من إنفاقات مرتفعة، لضم لاعبين، سواء المواطنين أو الأجانب، وأكد الرئيس أن الإسراف الزائد دمر أندية عالمية..
وأدى لارتفاع مديونياتها المالية، بسبب الصرف المبالغ فيه، وتأتي هذه الصرخة قبل بدء الموسم الكروي، وهو أمر من شأنه، أن يؤثر في أندية الدرجة الأولى التي تجد نفسها عاجزة عن مواجهة الارتفاع في مقابل الانتقالات المحلية، فضلاً عما يسببه ذلك مستقبلاً من إضرار بميزانيات جميع الأندية، كانت هذه صرخة الرئيس خلال الاجتماع السنوي الذي عقده الاتحاد مع وسائل الإعلام أول من أمس، وكانت من أبرز نقاط الجلسة.
ــ تظل كرة القدم، هي اللعبة الأكثر اهتماماً واستحواذاً من بقية الأنشطة والرياضات المختلفة، تبقى قوية بجماهيريتها وشعبيتها، فما تصرفه الدول يفوق العشرات من الأضعاف التي تصرف على الرياضات الأخرى، فلهذا، نجد أن أخبار الكرة مسيطرة، نظراً لمكانتها وأهميتها بين الشعوب، وما نصرفه نحن يصل حسب ما ذكر مليار درهم سنوياً، على الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة في هذا المجال الحيوي المهم، إلا أن التكهنات تشير إلى أن الرقم، ربما يقترب إلى ما ذكرناه أو أقل أو أكثر مما نتوقعه..
فالصرف وحده على (الكرة) يكلف خزائن الأندية وموازنات جهات الدعم المحلية والاتحادية الكثير من خلال التعاقدات مع اللاعبين الأجانب، حيث لا يستقر ناد واحد على لاعبين فقط طوال الموسم، ناهيك عن الامتيازات التي يحصل عليها هؤلاء المحترفون، إضافة إلى بقية الأجهزة الفنية والطبية والإدارية، كلها مصاريف باهظة الثمن، فأصبحت العملية معقدة وصعبة، لأن الصرف يتم بصورة مبالغ فيها، ولهذا نتوقع أن يزيد على الرقم الذي ذكرناه!
ــ نحن لا نريد أن ندخل في قضايا تفصيلية مالية، لأننا لن نصل إلى نهاية آو حل، فالموضوع كبير ومهم، وبحاجة إلى أناس متخصصين، وقد قرأنا تصريحات السركال الأخيرة قبل سفره لكوريا، حيث يدق ناقوس الخطر عندما أعلن عن إفلاس الأندية قريباً، إذا لم نتدارك الخطر ونعالجه سريعاً، وأنصح من يهمه الأمر بأن يقرأ مؤتمره الصحافي الذي نشر أمس جيداً، ويتعمق فيه، واتفق معه، بل أدعو إلى تشكيل هيئة الرقابة المالية، مطابقة الأندية لقواعد اللعب المالي النظيف المطبق حالياً بأوروبا، فإن الاتحاد الأوروبي يطبق هذا النظام..
فلماذا لا نطبقه ونخفف وفق الإجراءات، والهدف تنظيم الشؤون المالية وفق الركائز الأساسية في قاعدة اللعب المالي النظيف، وألا تخسر الأندية أكثر، وتحديد آلية أشكال الإنفاق، خاصة بعد أن أصبحنا محترفين، وتواجه الأندية الأوروبية التي تخالف قاعدة اللعب المالي النظيف لعقوبات، بحرمانها من المشاركة في دوري أبطال أوروبا أو «يوروبا ليغ»، إضافة إلى إمكانية تجريدها من الألقاب التي حصلت عليها خلال فترة المخالفة. هل فكرنا وقيمنا أمرنا، أم نحن شطار في الحكي والحكايات والروايات.. والله من وراء القصد.