محمد الجوكر
أيام قليلة، وينتهي »مولد الآسياد«، المقام حالياً في مدينة إنشيون الكورية، التي كانت تسمى نهر الحكمة، فقبل عشرين عاماً كانت عبارة عن جزيرة مائية نجح الكوريون في تحويلها إلى مدينة نموذجية ونظامها وشوارعها ومبانيها وفنادقها الضخمة شاهدة على ذلك، فالقرية الأولمبية التي استضافت آلافاً من الدول المشاركة، تم بيعها بالكامل ويتم تسليمها للمواطنين بعد الانتهاء من الدورة، وهي مدينة مزودة بكامل المواصفات الحديثة لبناء مجتمع سليم.
وعلى الصعيد الفني والميداليات، طارت الطيور بأرزاقها وعرفنا حقيقتنا وواقعنا من جديد على الخارطة القارية، فهناك أخطاء ومفاهيم سلبية تجاه الثقافة الأولمبية، أي أن الثقافة الأولمبية لدى المجتمع يجب أن تبدأ من الأسرة، فالمدارس الكورية، كانت تعطي دروساً للطلبة الصغار عن فكرة وتأسيس الدورة الآسيوية وأهدافها وتطلعات الحكومة بطريقة يسيرة وسهلة يتلقاها الطفل الكوري قبل أن يذهب ويشاهد المنافسات، فقد خططت المدارس الكورية خاصة للنشء والأطفال منهم.
حيث يأخذونهم إلى الصالات والمنافسات ويعطونهم دروساً علمية ميدانية يتعلم فيها الطفل ماهية التنافس في الألعاب الأولمبية، فهناك فكر واستراتيجية تقوم من أعلى سلطة وليس كما يحدث هنا، الاتحاد الواحد تنقسم فيه الآراء، هناك من يعمل وهناك من يتحفظ، وهناك من يعارض من أجل المعارضة، والقرار الرياضي متشتت وتلك هي الأزمة الحقيقية، وفي النهاية الضحية الرياضة الإماراتية، فقد عانينا كثيراً من هذا الجانب والقصور، فلا نعلم من هو المسؤول عن المشاركة، الاتحاد أم اللجنة الأولمبية الوطنية التي وفرت كل شيء للاتحادات، التي شاركت والتي بدورها خططت وقدمت برنامجها وفق ظروفها؟ إذاً العملية ناقصة في الثقافة الأولمبية، والفرد منا إحساسه ضعيف في الفوز لأنه لا يعرف أهمية دورة مثل الآسياد وبالتالي نضيع ونخسر ونندم ونبرر و»نتلخبط« فنياً وإدارياً!!
ونحن للأسف الشديد لا نعرف المبادئ ومواثيق الحركة الأولمبية التي ترتبط أساساً بالوعي خاصة في تكوين الرياضي من البيت، إلى تكوين البطل وتشبعه بالتشجيع المبكر قبل أن تحتضنه الأندية والاتحادات للبناء الفني، لكن لدينا يبدأ اللاعب في الاتجاه لممارسة اللعبة بشكل متأخر، أضف إلى ذلك انعدام الرابط بين الفكر الأولمبي والمناهج ليصل للمجتمع الثقافي الذي لا يتعاطى معه بالشكل المطلوب أو لا يتعاطى معه أساساً وانظر إلى الدول المتطورة في القارة كالصين واليابان وكوريا وتأثير أسرهم على التشجيع المتنامي للأبطال وانظر إلى الثقافة المجتمعية الأولمبية هناك إنها هي المحرك لإنجازاتهم فالأموال لا تصنع بطلاً بقدر ما يصنع المجتمع أبطالاً من ثقافته.
وهذه الدول ركزت على أن تستغل ثقافتها الأولمبية الصحيحة في تمويل الأبطال ومن ثم حصد النجاح، فالحكومات في هذه الدول لا تدعم اللاعبين الأولمبيين فقط وهذا يعيدنا للثقافة، يجب أن يكون هناك احترافية متكاملة بين الإدارة والشأن الفني لأنهما مكملان لبعضهما وفي آسياد إنشيون لاحظت هناك فوارق كبيرة وفجوات واسعة بين المؤسسات الرياضية بالدولة، لا تسير بشكلها الصحيح، بالرغم من المحاولات الجادة التي تقوم بها اللجنة الأولمبية الوطنية، ولكن يبدو أن الخلل واضح في سير عمل الاتحادات الرياضية، حيث كل منا يعطي ظهره للآخر، فهي تحتاج إلى غربلة فكرية للنهوض بالرياضة، والفوز بميدالية يحتاج إلى منهج وأسلوب فكري صحيح .. والله من وراء القصد.