أحمد الحوري
يمكن لأي شخص أن يتفوه بالكلمات التي يريدها، وربما يغالي فيما يقوله ويردده، فالمثل الدارج يقول «الكلام ببلاش»، ولكن القليلين من يمكنهم إلقاء الكلمة، وهو يعنيها قلباً وقالباً، وعندما تحين الساعة يترجم هذه الأقوال إلى أفعال، بل وتتحول هذه الكلمة إلى دروس يستفيد منها القاصي والداني.
لم تمض سوى أيام قليلة منذ أن صدح سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس مجلس دبي الرياضي، برائعته الشعرية «الجار للجار»، والتي ألقاها بمناسبة الاجتماع الأخير لقادة دول مجلس التعاون في العاصمة القطرية الدوحة.
ونالت حينها إشادة بالغة وتغنى بها كل من قرأها وسمعها، وكانت معبرة عن مدى الارتباط الحقيقي بين شعوب المنطقة، رغم كل ما يدور حولنا من أزمات عابرة، أيام قليلة فقط وقدم لنا الشاعر الفارس «فزعة» جديدة، وهذه المرة ليست شعراً.
بل فعلاً أصبح بمثابة الدرس الذي يتعلم منه الآخرون، عندما أمر بانتقال المدرب الروماني «كوزمين» مدرب الأهلي لتولي مهمة تدريب المنتخب السعودي لكرة القدم في مشواره التنافسي القادم والمتمثل في بطولة كأس آسيا بأستراليا.
«فزاع» لا يبحث عن الأضواء، لكنه دائماً ما يكون الطرف الأهم في أي حدث يتواجد فيه، ليس لشخصيته الاعتبارية فقط، بل لأنه يصنع الحدث، فمثلما كانت القصيدة حديث الساحة الخليجية والعربية، ها هو قراره السامي بانتقال كوزمين إلى الأخضر السعودي، مصدر إلهام مواقع التواصل الاجتماعي في الشبكة العنكبوتية، ويؤكد على أرض الواقع أن الجار للجار.
وقال «لولا عشم الأخوة في المملكة بنا كبيراً لما طلبونا»، وهنا فعل الكبار، فالتضحية بمدرب في موسم ساخن كالموسم الكروي الإماراتي ليس بالأمر الهين، لكن التطبيق العملي لمقولة «الجار للجار» لا بد أن يترجم إلى فعل على أرض الواقع، ولا تكون المقولة حبيسة أسطر الدفاتر والصحف.
حتى عندما استشعر سمو ولي عهد دبي أن هناك تخوفاً لدى إدارة النادي الأهلي من هذا القرار، لا سيما إذا حصل أي تراجع في نتائج الفرسان في المستقبل، رد «فزاع» بعبارة صريحة «لن يلومكم أحد حتى لو خرجتم من الموسم بدون أية ألقاب»، فالدروس كثيرة من قرار سموه، وعلينا أن نستخلص العبر حتى نحول الأقوال إلى أفعال في كل مناسباتنا الرياضية وغيرها.
صافرة أخيرة..
«اللي بين الجار والجار ساعين
بالعار مكسبهم من أعمالهم عار
حنا عرب ولنا سلوم وقوانين
نموت ما نرضى مهونه على الجار»
قول وفعل طال عمرك..