ميساء راشد غدير
كلنا يدرك معاناة مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج فترات طويلة، وهذه المعاناة لا تنحصر في الجانب الجسدي بل تتعدى ذلك إلى الجانب النفسي الذي يمتد أثره فترة طويلة على المريض حتى بعد الشفاء، مما يعني حاجة المريض لبيئة نفسية واجتماعية تؤهله لممارسة أنشطة حياته والتكيف مع وضعه المرضي بعد التعافي مع الأخذ بالاعتبار وضعه الصحي والتغييرات التي طرأت عليه.
لماذا اكتب عن مرضى السرطان اليوم؟ اكتب عنهم بعد لقاء معلمات وموظفات عرفن بتميزهن في سنوات العطاء منذ تم تعيينهن، وأصبن بالسرطان وخضعن للعلاج فترات طويلة وبعدها عدن للعمل في مختلف التخصصات مؤمنات برسالتهن في الحياة وواجباتهن نحو الوطن.
واكثر برغبتهن في استمرار حياتهن بشكل طبيعي وهو ما ينطبق على بعض الرجال أيضاً، لكن المرض وطبيعته غيّرا بل حدّا من قدرات بعضهن، فمن كانت معلمة لرياض الأطفال لم تعد قادرة على ممارسة الأنشطة المطلوبة منها ولم تعد لديها الطاقة لأن تعطي كما أعطت في السابق .
رغم أنها ما زالت في عمر الشباب والعطاء، وبالمقابل من كان عملها ميدانياً لم يعد بإمكانها الخروج للميدان كما كانت تفعل سابقاً، وباتت بعض المريضات مضطرات للاستقالة لأن نظام التقاعد متعسر، ما يعني خسارة كفاءات والتسبب في استسلام المرضى المواطنين،ذكورا واناثاً، لحالة من الفراغ والإحباط في الوقت الذي يتعين على المجتمع تقديم كل أنواع الدعم المعنوي لهؤلاء.
الاستقالة لمرضى السرطان وغيرهم من المتعافين من أمراض صعبة خسارة وطنية كبيرة يفترض التوقف عنها واتخاذ إجراءات للحد منها من خلال إدارات الموارد البشرية التي ينبغي عليها ان تستوعب امكانات الشخص بعد تعافيه من المرض فتغير طبيعة عمله ليستمر في العطاء وفق قدراته الجديدة دون ان تسلمه للاستقالة .
والفراغ أو التقاعد الذي ينال كثيراً من حقوقه بسبب عدم بلوغه السن القانونية أو عدم إكماله سنوات الخدمة المطلوبة، فالوظيفة في البداية والنهاية مصدر رزق لا يمكن الاستغناء عنه من قبل الكثيرين.
إدارات الموارد البشرية اتحادية كانت أو محلية ينبغي أن تصل إلى موظفيها المرضى وان تتفقد أحوالهم وترى مدى ملاءمة وظائفهم لهم حرصاً على صحتهم من جانب وعلى الأداء العام من جانب آخر، فتتخذ بالتشاور معهم القرار الأنسب بتحويلهم لوظائف إدارية عوضاً عن الميدانية مثلاً، وتقليل ساعات العمل وغير ذلك من الإجراءات الإنسانية، فذلك أقل ما يمكن أن تقدمه وما نتوقعه وما نأمله في دولة الإمارات الحريصة على راحة واستقرار مواطنيها.