ميساء راشد غدير
اللغة العربية جزء من هويتنا، جزء من ثقافتنا، ولا يمكن لأي شخص أن يقلل من أهمية اللغة الأم لدى أي شعب فكيف إذا كنا نتحدث عن شعب دولة الإمارات، الذي تواجه لغته الأم وهي اللغة العربية، تحديات كبيرة أهمها تنوع الثقافات والجنسيات التي تعيش على أرض الدولة، والتي فرضت بوجودها استخدام اللغة الإنجليزية لغةً ثانيةً من قبل المواطنين والمقيمين العرب.
ومع إيماننا بأهمية تعلم اللغة الإنجليزية وإتقانها، لا سيما في مجال العلم والعمل، إلا أن ذلك لا يعني توجهنا كأولياء أمور لإلغاء تعليم هذه اللغة تماماً لأبنائنا، كما عمد إلى ذلك بعضهم، باختيارهم مدارس خاصة تعلم اللغة الإنجليزية دون العربية، ودون مواد التربية الإسلامية والاجتماعيات بما فيها تاريخ الدولة.
للأسف نجد كثيرا من أولياء الأمور يدفع رسوماً باهظة لتعليم أبنائهم في مدارس أجنبية تدرس المنهاج البريطاني أو الأميركي كاملاً، دون أن يكترثوا لغياب المواد الأساسية التي ينبغي أن يتعلمها أطفالهم، وهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والتربية الوطنية، فهم يولون الأنشطة واللغة الإنجليزية التي تقدمها تلك المدارس أولوية أكبر ويعتبرونها »برستيجاً« يستحق المجازفة..
ولا يزعجهم عدم تعلم أبنائهم للغتهم الأم بالشكل الذي ينبغي، بل أن بعضهم لا يكترث أن تعلم ابنه اللغة العربية كما يتعلمها الأجانب من غير الناطقين بها! الرسالة التي نريد أن نوجهها لأولياء الأمور الذين يبحثون عن اللغة الإنجليزية ويتنافسون على وجود أبنائهم في مدارس أجنبية بحتة دون غيرها، هي أن حرية هؤلاء الآباء والأمهات كأولياء أمور في اختيار المدرسة التي يتعلم فيها أبناؤهم مشروعة..
ولكن حذار من أن يكون ذلك على حساب انتزاع حقوق أخرى لطفلك، كحق الحديث بلغة مجتمعه مع الآخرين وفهمهم واستيعاب ما يدور حوله، وحق أهم بأن يكون له أصدقاء مواطنون وعرب من مجتمعه، لا أجانب لهم من العادات والتقاليد ما يختلف عن عاداتنا وتقاليدنا..
ويلتقيهم اليوم في بعض الصفوف ويرحلون عنه غدا متسببين في أزمة صداقات غير مستقرة للأطفال، وأنت بذلك أيضا تحرمه حق الاندماج في مجتمعه والمساهمة في بنائه، عندما يغيب تاريخ هذا الوطن عنه لأنه يتعلمه بشكل سطحي ليس كما يتعلمه الآخرون من الدارسين في المدارس التي ما زالت تحقق توازنا بين متطلبات المناهج الأجنبية ومتطلبات المجتمع المحلي.
من يعتقد من أولياء الأمور أن مجتمع المدارس الأجنبية هو مجتمع مصغر لمجتمعنا ويفترض أن يتكيف فيه الأبناء كما نتكيف نحن الكبار مع مختلف الثقافات، يكون مخطئاً، فنحن نتكيف كناضجين بما نملكه من أدوات ومهارات ومن خبرة في الحياة أصبحت تؤهلنا لتلقي ما يناسبنا والتأثر به، وطرح ما عدا ذلك بعيداً، وهو ما لا يمكن لأطفال يفترض تأسيسهم على الأصول منذ نعومة أظفارهم، بعيداً عن مظاهر الكبار وبرستيجهم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.