ميساء راشد غدير
بحس نية أو إهمال، أو غفلة عن مراقبة الأبناء، يكاد البعض يسلم هؤلاء الأبرياء إلى الهلاك، إلى التشتت الفكري، وصولاً بهم إلى حد ارتكاب جريمة كالقتل.
إحدى الأمهات نشرت مقطعاً صوتياً تتحدث فيه إلى ابنها الذي اعتاد على قضاء معظم وقته في الألعاب الإلكترونية التي تطورت اليوم كثيراً بما تطرحه من آليات للتسلية، وبما تتيحه من تواصل بين اللاعبين في دول العالم. فبعد أن كانت الألعاب الإلكترونية بسيطة لا تعدو المسألة فيها وضع شريط واستبدال آخر، أصبحت اليوم أكثر اتساعاً وتشعباً، إذ يتمكن صاحب اللعبة من إضافة لاعبين غرباء لا يعرفهم ولا يعرفونه، وتدور بينهم المنافسة وأحاديث شتى تحت ما يعرف بالمحادثة.
الطفل يخبر أمه أن أربعة غرباء طلبوا إضافته، لكنه رفض، فأحدهم يقول له اقتل أمك، في حين يطلب منه الآخر قتل أحد أقاربه ليدخل الجنة، ما جعله يرتبك ويخاف ويحظرهم، مبلغاً أمه بما حدث!
من يستمع للطفل وهو يتحدث ويتابع شهوداً غيره ممن أكدوا وصول رسائل إرهابية إلى مستخدمي الألعاب الإلكترونية تتأكد لديه حقيقة واحدة، وهي أن الإرهاب لم يترك مجالاً إلا اخترقه، حتى الألعاب لم تسلم منه للتأثير في أصغر ضحاياهم من الأطفال والمراهقين قبل أي أحد آخر، ذلك أن الوعاء الذهني خالٍ لهذه الفئة غالباً، ويسهل التأثير فيهم، لأنهم عاطفيون أكثر من أن يكونوا عقلانيين كالناضجين.
لنتخيل أن هذا الابن لم يكن بهذا المستوى من الشفافية والوضوح مع أسرته، وأنه لم يكن محصناً فكرياً وأخلاقياً بالشكل الذي جعله يرفض هؤلاء الغرباء ويرفض ما دعوا إليه، ما الذي سيحدث؟ سنجد بكل أسف وألم أبناءنا قاتلين لوالديهم وأقاربهم وأصدقائهم، وهذا ما يطلبه الفكر الإرهابي والتطرف.
ما ذكرناه سابقاً ينبغي أن يكون جرس إنذار لكل أسرة، لكل أم وأب سلّموا أبناءهم للتكنولوجيا قبل توعيتهم وتحصينهم، وقبل تحذريهم من الغرباء الذين يبدو في الظاهر أنهم يتسلون، ولكنهم بالقتل والإرهاب يتسللون من بين أيدينا ومن خلال أبنائنا.. فالحذر الحذر.