ميساء راشد غدير
بناءً على دعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وباجتماع قادة دول مجلس التعاون حفظهم الله في مدينة الرياض يوم الاحد الماضي، تم التوصل ـ ولله الحمد ـ إلى اتفاق الرياض التكميلي، الذي قررت بناء عليه كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين عودة سفرائها إلى دولة قطر، بعد فترة لم تكن في نظرنا قصيرة إذا نظرنا إلى تاريخ ومستوى العلاقات التي تربط بين دول مجلس التعاون الخليجي، وما تحقق من إنجازات كنا نتطلع للحفاظ عليها والإضافة إليها.
قرار عودة سفراء الدول الخليجية إلى قطر، لا شك في أنها سيصب ـ بحول الله ـ في وحدة دول المجلس ومصالحها ومستقبل شعوبها، فهي تعكس عودة المياه إلى مجاريها والعلاقات الدبلوماسية إلى عهدها الذي كانت عليه، بين دول تربطها علاقات تاريخية واجتماعية قبل أن تأخذ طابعها السياسي.
عودة السفراء إلى الدوحة هي الخطوة الأولى في الاتفاق، ولا شك أنها سترسخ مبدأ التعاون ودعم كل ما يعزز فكرة المصير المشترك، الذي تحرص عليه جميع دول التعاون، وهو ما يتطلب ممارسات سياسية على مستوى الكبار وعلى أرض الواقع، لتدعم نجاح ما تم التوصل إليه في قمة الرياض بإصرار وإخلاص.
ما يتطلع إليه أبناء دول مجلس التعاون بعد قمة الرياض، بات أكثر من أي مرحلة مضت، فالخلاف الأخير خلق أزمة حقيقية، ليست على المستوى الدبلوماسي فحسب، بل على المستوى الإعلامي الذي خلق بدوره حساسيات بين الشعوب الخليجية التي لم تعرف يوماً مثل هذا الخلاف، في وقت هي أحوج ما تكون فيه إلى اللحمة والتقارب.
وقمة الرياض وما جرى فيها من اتفاق، ليست إلا إيذاناً بفتح صفحة جديدة ستكون بإذن الله مرتكزاً قوياً لدفع مسيرة العمل المشترك، والانطلاق لتعزيز كيان خليجي قوي ومتماسك، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة.
إن الدور المنشود اليوم ليس مطلوباً من القادة والسياسيين فحسب، بل مطلوبا منا أيضا كأفراد يفترض أن نستوعب أهمية هذا الاتفاق وما انطوى عليه من التزامات، وأن نتصدى لسد أي ثغرة من الممكن أن تتسبب في خلاف أو تضخيم إعلامي، لا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي.. فبعدما اجتمع الكبار واتفقوا، فواجب التقدير والاحترام هو أقل ما يتوقع منا، لنكبر في أفعالنا ونتجاوز عن هفوات صغارنا.