ميساء راشد غدير
مفزعة حوادث الإرهاب بكل صورها ونتائجها، ومؤلمة تلك الكوارث التي تخلفها بكل المقاييس، والمخيف بصورة أكبر وقوع تلك الحوادث في مناطق جوار لا تبعد عنا الكثير فحسب، بل تربطنا بها علاقات تاريخ ودم ونسب وحدود، وما يؤلمنا حقيقة في حوادث التفجيرات الإرهابية أنه بعد الإعلان عن الجهة أو التنظيم الذي يتبناها أنها تكشف عن وجوه شابة نفذت تلك العمليات في مقتبل العمر، وجوه تتشابه مع وجوه أبناء الكثيرين من الذين مازالوا في أول العمر، ممن لم يتح لهم العيش سنوات أعمارهم الأجمل، تم استدراجهم والتغرير بهم لتنفيذ عمليات إرهابية تحت مسميات أكاد أجزم أن الواحد منهم لم يدرك حق الإدراك أيا من معانيها.
يعترفون أنهم ينتمون لتنظم "داعش" ولتنظيمات أخرى، ويتفاخرون بذلك، وقليل منهم من ينجو بنفسه بعد أن يكتشف تناقضات تلك التنظيمات التي لا يقبلها عاقل مدرك وناضج، ولكن الحقيقة تتعدى انتماءهم لتلك التنظيمات طوعاً وبفكر مستوعب، إلى أسباب تتطلب مواجهة بعمق أكبر بادئ ذي بدء مع الاسر ومع المجتمعات قبل أي شيء آخر.
إن انضمام بعض الشباب للتنظيمات الإرهابية لم يكن بشكل عشوائي بل كان نتيجة أسباب وجدت في بعض الشباب أنفسهم الذين عانوا من الفراغ الفكري والحرمان الأسري والعجز المادي والاضطهاد أيا كانت صوره، فكانوا لقمة سائغة لمن تتبعوهم وأوقعوا بهم.
نتساءل دائما: من الذي أسلم شباباً في عمر الورد الى هذا النوع من التنظيمات وفي هذه السن المبكرة التي يسهل التأثير فيها عليهم فكرياً؟ أين دور الاسرة؟ وكيف تغاضت عن سفر أبنائها وتغييرات مفاجئة طرأت على سلوكياتهم لم تخل من عزلة متطرفة؟
إن ما يحدث من كوارث سياسية واقتصادية أوجدتها تنظيمات ارهابية لابد وان تلفت الانظار الى فوضى تربوية واجتماعية جعلت الكثيرين يسلمون الشباب بغفلة الى هذه التنظيمات التي تستخدم طاقة الامة المستقبلية لإشعال الفتيل وإحراق أي طاقة إيجابية، لا نبالغ فيما نصف او نقول فالحوادث التي وقعت أخيرا لم نجد بين وجوه منفذيها من تجاوز في عمره الثلاثين، ولم يكن غالبيتهم مجهولي النسب أو معتوهين، فلنبحث عن الاسباب أسراً ومجتمعاً ونكن حازمين ومراقبين قبل أي مراقبين دوليين.