ميساء راشد غدير
إن المتابع لحركة الترجمة في العالم العربي يجد أنها تسير في اتجاهات متعددة، لكن الاتجاه الأبرز فيها هو الترجمة من مختلف اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، ما يجعلنا نتساءل عن الأسباب الكامنة وراء ذلك، هل تكمن في عدم وجود المؤلفات التي تستحق قراءتها من قبل العرب؟ أم بسبب تفوق الإنتاج الغربي في بعض المجالات على الإنتاج العربي؟
ترجمة الكتب من اللغة العربية إلى لغات أخرى تراجعت بنسبة كبيرة لأسباب لا يجهلها أحد منا، أهمها عدم وجود المترجمين المختصين في ترجمة النصوص حسب العلوم ومجالاتها، الكلفة الباهظة لترجمة هذا النوع من الأعمال.
إضافة إلى ضعف الإقبال على بعض الأعمال التي تتم ترجمتها ما لم تكن لشخصيات لها وقعها في الميدان قبل أن يكون لأحرفها وقع مماثل، والدليل على ذلك ندرة المؤلفات العربية المترجمة.
مناسبة حديثنا عن الترجمة وأهميتها الكتاب الأخير لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، «ومضات من شعر» الذي ضم أكثر من خمسين قصيدة لسموه تمت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية بالاعتماد على مترجمين وباحثين قاموا بمراجعة النصوص وترجمتها.
قد يعتقد البعض أن الشعر العربي ليس بالشعر الذي يقبل على قراءته الغربيون لننفق مالاً ووقتاً لترجمته، ولكني أقول بعد تصفح الكتاب الذي يضم القصائد المنتقاة والمدونة باللغتين الآن رسائل تعبر عن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد المنعكسة على إدارته وأسلوب حياته التي أدركها البعيد والقريب.
ونقلها من خلال أبيات شعرية باللغتين، ما هي إلا بوابة تجعل الشعوب الأخرى تقبل على ثقافتنا، وتطلع على شعارات لم تبق في الإمارات مجرد شعارات بل إنها المحرك لحياتنا إن لم تكن أسلوب حياة.
ونعني بذلك القصائد التي تحدثت عن زايد طيب الله ثراه، أو عن طاقة الإيجاب أو عن كون شعب الإمارات أسعد شعوب العالم، إضافة إلى عدد من القصائد سرنا جمعها فيما يشبه الديوان، ليس للمهتمين بالشعر فحسب، بل للراغبين في الاطلاع عليه باللغة الإنجليزية، فالكتاب، إن لم نكن مبالغين، إثراء لغوي لمحبي العربية والإنجليزية معاً.
الكلام عن ترجمة قصائد سموه التي لا تعد الأولى، والتي تخرج كل مرة بصورة مختلفة، تفتح الباب للحديث عن أهمية وجود مؤسسات في العالم العربي تترجم نخبة من الكتب المعبرة عن سياستنا، تاريخنا، ثقافتنا ومجتمعاتنا، دون أن تنحرف بالنصوص، ولن يتحقق ذلك إلا على أيدي مختصين لم يعد هناك منهم الكثير في العالم العربي، ويمكن الاستثمار في غيرهم، ولن يتحقق بطبيعة الحال إلا بوجود استثمارات ضخمة في التعليم لتخريج نخبة جديدة من المترجمين ونشر ما تتم ترجمته.
مقتطفات من شعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كتاب يستحق القراءة ويستحق أكثر التحليل من قبل مختصين يرون أهمية هذا النوع من الكتب في نقل تراثنا إلى الغير.