ميساء راشد غدير
عندما نضطر للإقامة في مستشفياتنا الحكومية، نفاجأ بقلة أعداد المواطنين العاملين في مجال التمريض، والذين لا يقاس عددهم بأعداد الممرضين في الدول الخليجية الأخرى، رغم أن لدينا في الإمارات كليات تُدرّس هذا التخصص وتُخرّج ممرضين وممرضات، لكن أعدادهم لا ترقى لمستوى الطموح، خاصة بعد استقالة بعضهم وتحول آخرين للعمل الإداري، بسبب بيئة العمل التي لم تعد مشجعة للاستمرار فيها.
قطاع التمريض هو القطاع الداعم والمساند للقطاع الطبي، ووجود الكفاءات فيه مسألة هامة وضرورية في جميع المجتمعات التي تدرك أهمية الاعتماد في هذه المهنة على أبنائها، ومن أجل ذلك تسعى لتحسين بيئات العمل وتقديم الحوافز المجزية للعاملين فيها.
رواتب الممرضين اليوم في الإمارات لا تتناسب مع المخاطر التي يتعرضون لها نتيجة الاختلاط بالمرضى، ولا مع طبيعة نظام المناوبات المرهق، ولا مع الصفات الشخصية التي ينبغي أن يتصف بها الممرض ليستطيع تلبية احتياجات المرضى.
في السابق لم يكن المجتمع يتقبل مهنة التمريض ويرى أنها غير مناسبة للمواطنين ولا سيما المواطنات، واليوم أصبح المجتمع يقدر العاملين فيها باعتبارها مهنة إنسانية بالدرجة الأولى، وأصبحت الحاجة ملحة لأن تتلقى النساء والأطفال وكبار السن الرعاية من أبناء وطنهم، الذين سيكونون أحن وأرفق بهم من أي شخص آخر، لا سيما والتمريض ضرورة لا تقل بأي درجة عن أهمية الأطباء بل إن عملهم يتوقف عليها!
التمريض، إن لم نكن مبالغين، يمثل 60% من احتياجات القطاع الصحي في أي دولة، وقد كانت لدول الخليج تجربة مريرة في حرب الخليج يوم غادرت الممرضات الأجنبيات ما أثر كثيراً على أداء القطاع الصحي، فلماذا لا نستفيد من التجارب السابقة؟ ولماذا نستمر في الاعتماد في قطاع التمريض على الأجانب ونحن لدينا مواطنون لديهم الرغبة في العمل في هذا المجال؟
نتمنى أن يتم الاهتمام بالتمريض والممرضين المواطنين، من حيث الرواتب والحوافز وبيئة العمل، لكي لا نخسر الموجودين منهم، ولكي لا نخسر همم غيرهم ممن ينوون الالتحاق بهذه المهنة!