ميساء راشد غدير
بذل الأرواح من أجل الوطن شرف كبير، وقد شهد جميعنا تمنيات الجميع، رجالاً ونساء، المشاركة في عملية إعادة الأمل التي تشارك فيها دولة الإمارات بالبواسل من أبنائها في اليمن، فعلى الرغم من عظم المصاب، إلا أن ذلك لم ينقص من اعتزاز أبناء الإمارات بالشهداء، بل إنهم أثبتوا بصبرهم أن الوطن كان الأعظم في نفوسهم.
أهالي الشهداء قدموا للإمارات أغلى ما يمكن أن يقدمه الإنسان، أمهات فقدن فلذات أكبادهن، وزوجات فقدن رب أسرة ومعيلاً، وأطفال تيتموا، وأخوات فقدن أخاً وسنداً معيناً، فحمل جميعنا هم هذه الأسر، التي تتحمل مرارة الفقد ومرارة تحمل مسؤولية مستقبل.
رغم ثقتنا بأن حكومة الإمارات ستكفي أسر الشهداء، بعد الله، همّ المسؤولية، إلا أن بعضنا تساءل كأفراد، كيف يمكنه رد الجميل لكل أسرة شهيد، فقد خدموا وطناً نعيش على أرضه، وذادوا عن حماه.
قبل انتهاء اليوم الثالث للحداد، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإنشاء مكتب في ديوان ولي عهد أبوظبي، يعنى بشؤون أسر شهداء الوطن. ويختص المكتب بمتابعة احتياجات الأسر، بالتنسيق مع الجهات الرسمية الأخرى في الدولة، وتقديم الدعم اللازم، والاهتمام لأسرة وأبناء الشهيد.
في اللحظة التي أعلن فيها عن مكتب شؤون أسر الشهداء، تمنيت شخصياً أن أكون جزءاً من هذه المؤسسة، وأن أحظى بخدمة أسر الشهداء ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإن عجزت عن الوقوف بجانب إخواني في ساحة المعركة، فلن أعجز عن خدمة من تركوهم خلفهم، فهذا واجب وطني، ومسؤولية أتشرف ويتشرف أي إماراتي بحملها ليسجل امتنانه بالدور الذي قام به الشهداء، ولنرد بعض الجميل لهم.
المكتب الذي أمر به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، سيكون مؤسسة وطنية تجني ثمارها في كل إمارة، وفي كل طفل، وزوجة، وأم، وأخت، وسيعم خيرها سنين طويلة بامتداد أسر الشهداء، وعلى أجيال ستتذكر أن ذلك الشهيد الذي أغمض عينيه على حب الوطن، ترك من بعده أسرة أضحت في أعين قادة هذا الوطن والقلب معاً.