بقلم : ناصر الظاهري
زمان كنا نحسد الناس على بلدانهم، لأننا نراها خضراء على الدوام، ولا يتوقف المطر فيها، وهواؤها بارد، ونعتقد أن نصيبنا لم ينصفنا، هذا الحسد أو الغبطة منبعه الصحراء والجدب وهواء السموم، وتلك الرمضاء ووهج الشمس الحارقة، اليوم حينما نتأمل أحوال تلك البلدان، وما تمر به من تقلبات في الطبيعة، وكوارثها، علينا أن نحمد ربنا لأننا في منأى من المآسي التي يعانون منها سنوياً، خسائر في الأرواح، وتدمير في الممتلكات، تخطف على الأوروبيين موجة حر عابرة، فلا يتحملونها، وتجدهم يشهقون يريدون ماء، و«يتودنون في النوافير، لين تبرر جنوبهم»، وبعضهم تحمرّ جلودهم، وتتغير قشرتهم، ونحن نعدها أنها «براد، ومهب تزاغي الطير»، البلدان التي تدوم زخات المطر بالأشهر، موعودة بالفيضانات، وسحب ما تجد في طريقها، بنجلاديش سنة جفاف، وسنة فيضانات، باكستان فوق أنها من أكبر البلدان فساداً، لا تفارق كوارث الطبيعة، تايلاند ذلك البلد الجميل والمريح خطف عليهم عام ارتفع فيه منسوب المياه، وأصبحت طرقهم تطبل كالوديان، ونحن المحظوظون في هذه المنطقة، بعد شكر الله على النعم، ودوامها، أقصى شيء يهب عاصوف أو طهف، ونتقي عنه في بيت ساتر، وعلى الراغبين في ارتياد البحر، أخذ الحيطة والحذر، وإن حمت الشمس، نبحث عن ظل أو ذرا، وإن هبّت مهب أو ريح تلثمنا عنها، وأصبح الواحد منا تقول من ربع نمر العدوان، جاء برد مريعي، تعقطنا عنه، ولزمنا «الصريدان، وكوار الضو»، صارت الدنيا لغط ولا هوب، ركضنا تحت هالـ «كنديشنات» عقب ما كنا «نعفد في الشريعة بوزار ومقصر، ونقَدّف وزار ثاني وإلا غترة رطبة على الكتف، لين حَزّة الرقاد، ونتلحفها، ونقيل تحت ظليل لوميه والا شجرة لوز»، نحن بصراحة ما فينا على تعب الفيضانات، ونتم راكبين في قدر، ونجدف بـ «ملاس»، تقول في قنال فينيسيا، والجندول يتمخطر بين بيوتاتها، وننشد عن جارتنا فلانه، طبعت وإلا، لا، وفرحان «تراه شغل نخل وتَحَدّير، ويفْرَق من الماي، ثيبوه»، ولا نحن أصحاب زلازل، ومشاكل لا قدر الله، «ترى بيوتنا شغل أحسنتوا، وشغل وستاديه، طابوقتين، وسيخ حديد، وصلحة سميت» لا تعرف ردات اهتزازية، ولا ريختر ودرجاته، «يوم بتتكوود، بتحت على رؤوسنا»، خلونا.. لا نريد هواء عليلاً، ولا نسيماً جميلاً، ولا كل أغاني فريد الأطرش، خلونا.. في الحر والقر، ولا بهدلة النوم في العراء، وبعدين بصراحة.. بصراحة «ما نعرف نكون لاجئين، نستحي، عندنا حريم يحبن الستر، وعندنا فريخات حشرة، نحن ما نتحملهم، بننشب بهم خلق الله، وإلا بنتم نشالي بهم من مكان لمكان»، الحمد لله على شيئين، نعمة الموطن والمكان، والبنية التحتية!