عائشة سلطان
تحت هذا العنوان، انعقد ملتقى اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الثاني نهاية الأسبوع الماضي، وخلال هذين اليومين تراوحت الجلسات ما بين حديث عن جهود التوثيق ودور الإعلام في صون التراث وعلاقة الأمر بمناهج التعليم وبتوافر مراكز وطنية لحفظه والعناية به، وصولا لرؤية استراتيجية للتوثيق باعتبار الثراث في أول الأمر ونهايته معبراً عن هوية الأمة وأحد أهم أوعيتها الثقافية والرافعة الأكثر دقة في التعبير عن شخصيتها الحقيقية وما سوف تؤول إليه مستقبلا أو ما يجب أن تكون عليه، ولقد كان الملتقى مهما في موضوعه وإشكاليا في حضوره أو المشاركين بأوراقهم في جلساته، من دون أن نحمل طرفا أية مسؤولية في الوقت الراهن، فكلنا مسؤولون بشكل أو بآخر.
البحث بجدية لتأسيس أو وضع رؤية استراتيجية لتوثيق وحفظ التراث موجودة بشكل ما، صحيح ليس هناك مركز وطني على مستوى الدولة فيما يخص جهود التوثيق، لكن جهود هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، هيئة دبي للثقافة، بلدية دبي وما تقوم به من جهود لترميم وحفظ التراث المعماري على نطاق الإمارة وعلى مستوى أحياء كاملة (منطقة الراس التراثية - منطقة الفهيدي الأثرية - منطقة الشندغة..) وكذلك حكومة الشارقة بكل البذل المادي اللامحدود وبمتابعة مباشرة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، إضافة لجهود هنا وهناك في الفجيرة ورأس الخيمة ومناطق أخرى. الطموح دائما أكبر ويجب أن يكون كذلك حتى لا يتوقف الفعل الإنساني في أي اتجاه، وفيما يخص التراث وصونه ودعمه والحفاظ عليه، فلنتحدث عن مناهج التعليم مثلا، نحن من جيل كانت كتب التاريخ والجغرافيا لا تحوي شيئا عن دولة الإمارات بالمطلق، فالتاريخ تاريخ الفراعنة والفينيقيين والسومريين، والفرس والروم.. لا بأس تلك حضارات سادت بلادا عربية أولا وهي ذات نفس أو طابع عالمي، مع ذلك فإن هذا لا يعد مبررا لإلغاء ثقافة وتاريخ وتراث البلد الذي ينتمي إليه الطالب، فمهما نشرت الصحف فيما بعد عن حفريات واكتشافات وحضارات فإنها لن تترسخ في وعي هذا الطالب كما ستترسخ عن طريق المناهج والتدريس والتكرار. هناك جهود في الوقت الحالي ربما اكثر مما كان سابقا. بغض النظر عن تفاوتها من إمارة لأخرى بسبب إمكانيات وموازنات الإنفاق، ومع ذلك فما فاتنا في مناهج التعليم سابقا لا يجب ولا يجوز وغير مسموح أن يفوتنا أكثر، وما لا يمكن غض الطرف عنه هو دور الإعلام الذي لا يزال معنيا بكل ما له علاقة بالآخر وكأننا مسؤولون عن الترويج للمثقفين والفنانين والإعلاميين من كل الدول ما عدا الإمارات (عن نفسي لا أتذكر متى كانت آخر مرة جلست لأتابع حديثا أو لقاء متلفزا مع مثقف إماراتي أو مهتم بمناهج توثيق التراث والمتاحف مثلا) إن قليلا من التخطيط والمتابعة والوعي بهذا الأمر ضرورى وحاسم بالنسبة لمديري ومسؤولي الإعلام الإماراتيين ! ملتقى اتحاد الكتاب الأخير أطلق صافرة مهمة يجب ان يحملها الإعلام مدوية جدا لأنها تعني حاضر ومستقبل الإمارات وشبابها الذين لم ألمح لهم أثرا على المنصات ولا بين الحضور مع شديد التقدير لكل من حضر من شباب الأجيال كلها نقلا عن جريدة الاتحاد