علي العمودي
الفيلم الأميركي «المقابلة» أو «ذي أنترفيو» حظي بدعاية مجانية واسعة بعد أن أصبح طرفاً في المواجهة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية إثر اتهامات واشنطن للأخيرة بأنها وراء القرصنة الإلكترونية التي تعرضت لها شركة «سوني للأفلام» المنتجة للفيلم، الذي يتعرض وبصورة ساخرة لحياة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون.
وكانت المواجهة محور التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي باراك أوباما التي أعلن أن إدارته تدرس إعادة وضع بيونج يانج على قائمة الدول الراعية للإرهاب.
الهجمة الإلكترونية كبدت الشركة المنتجة خسائر تجاوزت تقديراتها الأولية ملياري دولار، منها أكثر من 600 مليون دولار فقط بسبب تجميد عرض الفيلم. ونجحت للوهلة الأولى في جعل الشركة وعدد من دور العرض الرئيسية في البلاد تصرف النظر عن عرضه قبل أن تستجمع قواها وتقرر عرضه بعد ذلك مع احتفالات عيد الميلاد المجيد.
وأدركت الشركة أن غاية الهجوم الإلكتروني النيل من حرية التعبير ونمط حياة الأميركيين. وهو ما يعمل عليه ويجتهد لأجله الإرهابيون أينما كانوا ومهما اختلفت شعاراتهم وتنوعت راياتهم، ونوع الأسلحة التي يستخدمونها ومن بينها القرصنة الإلكترونية واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي. ويحتل هذا الأمر أهمية خاصة في المجتمع الأميركي باعتبار حرية التعبير وحمايتها من البنود الأولى للحقوق الواردة في وثيقة الحقوق التي كتبت في العام1787، وتمثل العمود الفقري للدستور الأميركي.
لقد كانت المواجهة الأميركية الكورية الشمالية أبعد من مجرد خلاف على فيلم – تحدث النقاد عن تواضعه -، بعد أن تطور مع تباهي القراصنة بقدراتهم على اختراق دخول نظام تشغيل المحطات النووية لكوريا الجنوبية التي أعلنت بدورها استنفاراً إلكترونياً لصد آية محاولة لتخريب تلك الأنظمة وشل الحياة في دولة مزدهرة تعتمد بشكل كبير على الطاقة النووية لتوفير احتياجاتها من الطاقة.
لقد أصبح الفضاء الإلكتروني ساحة مهمة من ساحات المواجهة، ووسيلة من وسائل الردع والضغط، وجاءت واقعة فيلم «ذي انترفيو» لتذكير الجميع بخطورة هذه الساحة التي أصبحت دول العالم تضخ ملايين الدولارات في مجال «الأمن الإلكتروني» لحماية منشآتها وأنظمتها الحيوية، بعيداً عن عبث صبيان تغيير «الباسوردات» عند مطلع كل شهر.
"الاتحاد"