علي العمودي
رغم قربنا الجغرافي، وعمق التداخل والتشابك مع شبه القارة الهندية الهائلة البشر والتاريخ والحضارات، الكثير منا لا يعرف عنها سوى القشور، ولا يعرف عن تأثيرها على ثقافتنا بقدر أثر «الكيما والبراتا» في الأفواه.
وأتذكر كيف كانت شرائح كثيرة في مجتمعاتنا الخليجية تنظر بدونية للقادم من تلك المناطق، ولا زال البعض منهم يقول عندما يذكرهم «تكرم هندي»، ذلك بالطبع شيء من ماض ليس بالبعيد.
نستعيده ونحن نرصد التحولات الهائلة للفيل الهندي، وهو يتحول إلى قوة اقتصادية، سياسية ومركز ثقل إقليمي يتحرك معه بقوة للمطالبة بمقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.
الهند بعد أن فاجأت العالم الثالث الذي تنسلخ عنه بقوة وهي ترتاد الفضاء، وتستكشف المريخ، وصنعت أول غواصة، وكذلك حاملة طائرات في طريق بناء القوة الجديرة بالموقع.
أقول إن الهند أثر تلك المفاجآت التي حطمت بعد الصين حجج ونظريات عقبة الانفجار السكاني في التطور والتقدم، أعلنت مؤخرا عن تعيين وزير لليوجا هذه الرياضة أو الممارسة الرياضية ذات البعد الروحي والتأملي الفلسفي. وهي الرياضة التي تستقطب الملايين من داخل شبه القارة الهندية وخارجها، يحمل قرار إدخالها ضمن تشكيلة مجلس الوزراء الهندي بعداً روحياً في الممارسة السياسية إلى جانب ربط أصوات أصحابها بمسيرة حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي يعد من مشجعي وممارسي اليوجا ومن دعاة تعزيز الطب البديل في المجتمع الهندي، بينما لا يزال البعض عندنا يربط الطب البديل بالشعوذة.
كما لم تخل تشكيلة الحكومة الهندية الجديدة من مفاجأة أخرى عندما أسندت وزارة العدالة الاجتماعية لفيجاى سامبالا الذي عمل سباكاً في المملكة العربية السعودية في بدايات حياته، عندما اضطر للعمل مبكرا بعد وفاة والده وهو في الرابعة عشرة من عمره، فلم يتمكن من إكمال تعليمه وهو المتحدر من عائلة فقيرة.
هذه التغيرات الهائلة غير بعيدة عنا، تصور حجم التحولات في ديار ارتادها الآباء والأجداد في غابر السنين، بحثاً عن صفقة تجارية في أسواق بمبي، ومنهم من ذهب بعيداً نحو «صفقة العمر» في ربوع حيدر أباد، إنها الهند أو الوجه الآخر من المارد.