بقلم : علي العمودي
مساء أمس الأول كنت في مجلس البطين بأبوظبي، أحد المجالس النشطة متعددة الفعاليات التي تعمل تحت مظلة شؤون المجالس بديوان ولي العهد، حيث استضاف أمسية «مالد»، بمناسبة احتفالات البلاد بمولد سيد الخلق سيدنا محمد عليه أشرف الصلاة والتسليم.
جاءت الأمسية، بعد يوم من احتفال وزارة الثقافة وتنمية المعرفة بالمناسبة ذاتها، وضمن الاحتفاء بـ«البردة» في البيت العتيق لعشاق الأدب والكتاب والفن والإبداع «المجمع الثقافي»، بحضور سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وعدد من الوزراء والمسؤولين وحيث التقت مظاهر الاحتفاء بخاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين متمماً لمكارم الأخلاق من عدة بلدان من إندونيسيا شرقاً، وحتى المغرب غرباً اجتمعوا على أرض الإمارات، وطن التسامح وفي عام التسامح، إمارات المحبة والخير التي حرص مؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على الاحتفال بالمولد النبوي، واعتباره عطلة رسمية.
احتفاء مجلس البطين أتاح للروح أن تسمو مجدداً وتحلق في سماء الكلمة الصادقة النقية، وهي تهيم في معارج مدح صاحب الذكرى عليه الصلاة والسلام، وأبحرت الذاكرة تستعيد أيام الطفولة عند «المطوع» وإنشاد بعض من البردة و«البرزنجي» في أيام الخميس، واحتفالات المولد في تلك الأيام النقية قبل أن يكدر صفوها الغلاة وفتاوى الأهواء ممن يميزون ويصنفون الناس حسب أهوائهم، وممن تحول الدين على أيديهم لمظهر قبل أن يكون جوهراً.
أحيا «المالد» في أمسية مجلس البطين أحفاد السيد عبدالله الهاشمي، رحمه الله، الذي كان من أوائل من اعتنوا في أبوظبي بتقديم هذا اللون من الأناشيد والمدائح النبوية.
ليلة طيبة مباركة جمعت الحضور في أجواء روحانية بديعة، ورغم قِصرها إلا أنها قدمت لهم شحنة ودفعة روحية في زمن صعب، ولعل أجمل ما فيها رؤية هذا الجمع من شباب الوطن المحافظ على طقوس لم تزدها السنين إلا عبقاً وجمالاً، تأكيداً لحرص بلادهم -كما قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد- «على الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف، انطلاقاً من دورها في رعاية وتمكين الفنون الإسلامية، وتعزيز الحوار بين مختلف الثقافات والفنون، بما يسهم في صون الفن الإسلامي وتحقيق تواصل بين الأجيال لتنشئتهم على حب الموروث الثقافي الإسلامي، وترسيخ مكانة الإمارات منبراً ثقافياً عالمياً وحاضنة لمختلف أنواع الفنون»، فشكراً للقائمين على مجلس البطين.