بقلم : علي العمودي
تتواصل إنجازات الدبلوماسية الثقافية الإماراتية ونحن أمام إنجاز جديد بفوز الإمارات بعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، فوز مستحق عقب التصويت الذي جرى خلال المؤتمر العام الأربعين للمنظمة الدولية في مقرها بباريس. وهي المرة الرابعة التي تفوز فيها إمارات الخير والعطاء بعضوية أحد الأجهزة الرئيسية الثلاثة لليونيسكو.
فوز مستحق، ثمرة رؤية قيادة حكيمة لطالما تعاملت مع الشأن الثقافي باعتباره من أهم روافع بناء الإنسان وتشكيل هويته وإيجاد الأرضية المشتركة للحوار الحضاري والتفاهم والتعايش بين الثقافات والحضارات. وهي امتداد لإيمان القيادة بأن روافد التعليم والثقافة والعلوم هي الأدوات الأساسية لبناء الأجيال وصنع الغد الأفضل للإنسان أينما كان، دون تمييز وتضمين مسيرة البناء عمقاً وأبعاداً إنسانية عالمية.
عبر الفوز المستحق عن التقدير الكبير للإمارات ودورها في سماء الثقافة العالمية وإسهاماتها النوعية، حيث قدمت خلال الشهور القليلة الماضية دعماً نوعياً ساطعاً لمشروع «إحياء روح الموصل» الذي تتبناه المنظمة الدولية لإعادة روح هذه المدينة العراقية العتيقة التي كانت رمزاً للتسامح والتعايش في تاريخ العراق قبل أن يزحف إليها الإرهابيون و«دواعش العصر» ليفتكوا بأهلها من مختلف الأديان والأعراق، ويدمروا شواهد حضارتها وحسن التعايش والتسامح الذي يميزها. ولكنهم لم يتمكنوا من سلب روحها الأصيلة التي تستعيدها اليوم بعد دحر الإرهابيين عنها واجتثاثهم منها، وحيث تساهم الإمارات بأكثر من خمسين مليون دولار في مشروع المنظمة الدولية هناك والذي يعد من أكبر مشاريع استعادة التراث الإنساني في المنطقة، ويتضمن إعادة بناء مسجد النوري ومئذنة الحدباء وكنيستي «الساعة» و«الطاهرة» وغيرها من المعالم والمكتبات والمتاحف التي أراد الإرهابيون بتدميرها طمس تلك الروح لتغليب الكراهية والحقد والإقصاء والقتل والدمار الذي يحملونه معهم أينما حلوا.
فوز حمل معه كل التقدير لرسالة الإمارات ودبلوماسيتها الثقافية التي تشرق كل يوم إبداعاً وضياء لإبراز الجانب الساطع للعطاء الإنساني عندما يعمل على تهذيب الروح وترسيخ أسس متينة للتواصل بين الشعوب والتعاون لدحر تلك الأدران التي جلبها التطرف والإرهاب وأراد أن يجعل عالمنا قاتماً قتامة قلوبهم الحاقدة ومفاهيمهم الضيقة.
غير بعيد من مقر«اليونيسكو» وفي أحد ضواحي العاصمة باريس يقف مسرح خليفة بن زايد في قصر «فونتينبلو الإمبراطوري» شاهداً على رؤية الإمارات بأن «رعاية الإرث الإنساني واجب حضاري».