بقلم - علي العمودي
في بعض مناطق دبي القديمة، وبالأخص منطقة السبخة في ديرة، تجاوزت حركة السيارات مرحلة الازدحام إلى الاكتظاظ المروري الذي فاق كل تصور ولم تعد تجدي معه الحلول الترقيعية. مع كل التقدير للجهود الكبيرة والمشاريع العملاقة والحيوية التي نفذتها وتنفذها هيئة الطرق والمواصلات.
في مناطق كتلك التي ذكرتها وغيرها يتبادر لذهن المرء وهو يعبر الأزقة الضيقة والشوارع المكتظة حدود زمن الاستجابة التي يمكن أن تحققها فرق الطوارئ إذا ما حدث طارئ في المكان، على الرغم من حرص سائقي المركبات على احترام المسار المخصص لحافلات النقل العام وهي توفر خدماتها لمختلف مناطق المدينة بكفاءة عالية وبمستوى راق مشهود له.
نعود لموضوع الاكتظاظ الذي يتطلب دراسة جادة تتضمن منع دخول السيارات بدوائر محددة، بذات الطريقة المعمول بها في الكثير من مدن العالم التي تشهد مثل هذه الحالة المرورية التي تتطلب مقاربات جريئة وجذرية.
حتى الموقف العمومي الكائن أمام مركز شرطة نايف يئن تحت وطأة أعداد المركبات التي ترتاده رغم ارتفاع سعر الساعة، وحتى المواقف الجانبية والمنتشرة على الطرق المؤدية للمناطق الداخلية هي الأخرى مزدحمة بسيارات المتسوقين والمترددين على تلك الأسواق القديمة الذين لم تنجح المراكز التجارية الحديثة والأسواق الجديدة و«التسوق الإلكتروني» في اجتذابهم. ففي تلك الأمكنة عبق التاريخ وروح ميزتها منذ القدم وشواهد على احتراف هذه المدينة للتجارة عبر الأجيال، وفيها ومنها تشكلت معالم وملامح صورة دبي كمركز تجاري وممر لحركة التجارة في المنطقة غير بعيد عن خورها الشهير الذي يقسم ديرة عن البر الآخر، وقد ازدان اليوم بعشرات العبارات «الحديثة» وهي تنقل أفواج السياح بذات الهمة والنشاط التي تنقل بها المقيمين والمتعاملين عبر ضفتيها.
تذكرت «العبار» الذي ينقلنا من ضفة لأخرى وهو يجدف وحيداً بقاربه الصغير لقاء ما يعادل اليوم 25 فلساً للرحلة في الاتجاه الواحد. أين منها المدينة اليوم وقد تحولت لمدينة عصرية عالمية بكل المقاييس؟!
وإذا كان يُسجل لبلدية دبي جهودها في صيانة المناطق القديمة والتاريخية للمدينة، فإن الحركة المرورية في طرق تلك المناطق بحاجة ملحة اليوم لإعادة نظر ومراجعة شاملة، ولا أعتقد أن المدينة التي أدهشت العالم، وهي تبتكر كل جديد لإسعاد سكانها وضيوفها ستتوقف كثيراً أمام هذه المسألة المرورية المرهقة ماديّاً ومعنوياً في كافة الجوانب.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن صحيفة الأتحاد