علي العمودي
قادت المصادفة مواطناً، مالك عقار في العاصمة، ليشهد حالة نصب باسمه على أحد الراغبين في استئجار عقاره، فقد كان متوجهاً للتأكد من صيانة المنزل الذي علق عليه لافتة «للإيجار» عندما شاهد مقيماً عربياً، انتحل صفة الوكيل العقاري للمالك، يجول مع ضحيته الآسيوي، لإطلاعه على المسكن وحالة غرفه. وكان على وشك تسلم قيمة الإيجار منه، وإبرام العقد الخاص بتمكينه من العقار، لولا الظهور المفاجئ للمالك، ليفر «سمسار الغفلة» من المكان، ويترك ضحيته، وقد ألجمته المفاجأة.
قال الرجل: «إنه وجد إعلاناً بشأن البيت المعروض على أحد المواقع الشهيرة، وأغراه السعر المعروض؛ لأنه يناسب ميزانيته، وسط لهيب الإيجارات المتأجج في المدينة، فاتصل بالرقم المدون مع الإعلان، ليرد عليه منتحل صفة المالك، ويتفق معه على اللقاء في المكان مع قيمة الإيجار عداً ونقداً، وتوقيع العقد في المكتب الوهمي، وغالباً ما يكون من مكاتب التحايل!!».
لم تكن الواقعة الأولى من نوعها، فسجلات الشرطة تترع بمثل هذه الحوادث المزدهرة مع أزمة الإيجارات وغلائها التي تشهدها أبوظبي، وغيرها من المدن الكبرى في الدولة. وتزداد مع لهفة الراغبين في الاستئجار الحصول على عقار يناسب ميزانياتهم.
طرحنا عبر هذه الزاوية العديد من الحوادث المشابهة، ودعونا في أعقابها المطبوعات والمواقع الإلكترونية الإعلانية، مساعدة السلطات المختصة في القضاء على قضايا «النصب العقاري»، بعدم نشر أي إعلان عن عقار للإيجار، ما لم يكن المعلن لديه توكيل رسمي من المالك، ويثبت هويته وتفويضه بالأمر.
العديد من تلك المواقع والمطبوعات لا تتوقف كثيراً أمام نشر الإعلان، فما يهمها تحصيل قيمته التي لا تتعدى مئتي درهم، لتتسبب في خسائر بعشرات الآلاف للضحايا. والمؤلم في الموضوع أن «سمسار» الواقعة التي ذكرتها يعد من أصحاب السوابق، وبالأسلوب ذاته يواصل اصطياد ضحاياه، قبل أن يسقط في يد العدالة.
الضحية الآسيوي الذي أنقذته المصادفة سعد كثيراً، لأنه لم يخسر أمواله في الصفقة التي لم تتم. ولكن كم غيره سقطوا في شباك محترفي النصب العقاري؟، الذين يجب أن تتضافر جهودنا جميعاً للتصدي لهم، بوضع المزيد من الإجراءات والاشتراطات لحماية الناس منهم.