علي العمودي
أتمنى أن تكون الجهات المعنية بالرصد والتحليل والتخطيط دققت، لنتائج الاستبيان الذي أجرته مؤسسة «يوجوف» لحساب جريدة «الاتحاد»، ونشرته صحيفتنا أمس الأول، والذي خلص إلى أن غلاء المعيشة وارتفاع الإيجارات من أكبر التحديات التي تواجه المقيمين.
واظهر الاستبيان استعداد أكثر من نصف من استطلعت آراؤهم من المقيمين لمغادرة الإمارات. وهو خيار صعب على الجميع، وإذا كان المقيم لديه هذا الخيار فماذا عن المواطن الذي يكتوي هو بدوره من غلاء المعيشة غير المبرر، كما سيتضرر أيضاً من تفشي ذلك الخيار، لأن قوة شرائية ستغادر مرتبط بحركتها العقارات والأسواق، والمصالح وغيرها من الأمور التي يعرفها أهل الاختصاص والخبراء والمحللين قبل العامة.
جل المقيمين من شرائح الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل، غالبيتها أن لم نقل كلها وفدت- كما في الاستبيان- لتحسين مستواها المعيشي والادخار، وعندما يصعب ذلك ويستحيل في ظل الظروف الحالية من غلاء وارتفاع جنوني في الإيجارات، فلن يكون أمامها سوى البحث عن بدائل أخرى، وفي مقدمتها المغادرة.
الكثير من ملاك العقارات يعتقد أن الأمر «تجارة وشطارة»، ولا يدركون أبعاد هذا الجشع. فشرارة غلاء المعيشة عندنا أساسها جنون الإيجارات.
واقع أكد ضرورة التعامل معه مبكراً القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، عندما أؤكل في السبعينيات لولي عهده آنذاك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تأسيس لجنة المباني التجارية، وعرفت شعبياً باسم «لجنة خليفة»، وتحولت إلى دائرة قبل أن ينتهي دورها ضمن خطط إعادة هيكلة دوائر أبوظبي. وفي دبي كانت تجربة مجلس الإعمار الذي أمر به الشيخ راشد بن سعيد، رحمه الله.
كان الهدف تحقيق الاستقرار والتوازن في السوق العقاري حتى لا ترهق الكواهل. واليوم ومع زيادة عدد الوحدات العقارية المعروضة، المعاناة قائمة بسبب إصرار البعض على عدم رؤية ما هو أبعد من مصالحه. ودخلت على خط غلاء المعيشة توجهات دوائر وجهات ترى أن رفع رسومها بين الفينة والأخرى سيحقق لها موارد إضافية واستقلالية مالية، معتبرة الأمر نصراً مؤزراً.
مجدداً، أدعو للتوقف ملياً أمام نتائج الاستبيان، فتحديات الإيجارات، وغلاء المعيشة تقض مضاجع الجميع.