علي العمودي
عندما نقول إن العبث بالأسعار، واستغلال الناس في أسواقنا يجري بطرق غير معقولة، يعتقد البعض أننا نبالغ.
ولكن للأسف هناك فئة من الموردين والتجار عندنا يفسرون نظريات العرض والطلب على طريقتهم الخاصة، ومفاهيمهم العجيبة التي لا تعكس سوى جشع بلا حدود يستوطن نفسياتهم.
والتي تصور لهم أن من في الإمارات يغرفون المال من خزائن لا تنفد، ويكسبونه من دون أدنى جهد، وأنهم لا يدرون بما يدور خارج حدودهم ويتابعونه.
أقول هذا بينما كنا نتابع هيستيريا الأسعار التي أصابت موزعي الهواتف النقالة بمناسبة طرح عملاق التكنولوجيا الأميركية “أبل” لمنتجه الجديد من هاتفي “آيفون 6” وآيفون 6 بلس”.
فقد أعلنت الشركة المنتجة عن سعره على موقعها الرسمي بما لا يتعدى الـ700 دولار أميركي (نحو 2600 درهم تقريبا).
كما أعلن موزع المنتج في الأسواق السعودية عن سعر يتراوح ما بين 2540-2950 ريالاً سعودياً بحسب الطراز.
أما عندنا فالحبايب حددوا سعره بمبلغ يتراوح ما بين 5000 للنوع الأول و-6000 درهم للطراز الثاني) لنفس المنتج، أرقام لا تجد لها أي تفسير أو مبرر، سوى ما نراه ونلمسه دائما من فوضى الأسعار في سوقنا المحلي الذي يستغل الكثير من الموردين والتجار الثغرات التشريعية فيها، ليمارسوا جشعا بلا حدود، واستغلالا من دون أية ضوابط أو رادع.
والسعر الذي ذكرته لكم للجهاز فقط، ولا أدري كم ستسوقه مع باقاتها بعد ذلك أي من مشغلي الخدمات الهاتفية لدينا، والتي علمتنا التجارب بأنها بدورها ستركب الموجة والإقبال المتوقع للأجهزة الجديدة لتحلق بأسعارها حتى وإن قامت بتقسيطها على باقات وفئات بمبالغ شهرية.
الأجهزة التقنية الجديدة، تلقى إقبالاً واسعاً من الجمهور بمختلف فئاته العمرية بعد التوسع الكبير من جانب الجهات الخدمية في إدخال التطبيقات الذكية.
وقد تم طرح الأسعار الجديدة لها بعيداً عن أعين إدارة حماية المستهلك المشغول مسؤولوها بجولاتهم الكرنفالية لمتابعة أسعار الكوسا والباذنجان والبقدونس.
إن ما يجري يعكس فهماً مغلوطاً مكن جانب هذه الفئة من التجار والموردين لمعنى اقتصاد السوق، فهو لا يعني بأي حال من الأحوال استغلال الناس، ووضع أسعار تفوق بأضعاف سعر المنتج من مصدره، علما بأن السعر الذي ذكرت في الولايات المتحدة شاملاً الضرائب، بينما هم يعملون هنا في بيئة جذابة للغاية، حيث يتمتعون بأعلى مستويات التسهيلات والخدمات المتوافرة للبنية التحتية المتطورة، وفوق هذا كله بيئة خالية من الضرائب المباشرة منها أو غير المباشرة، فلماذا هذا الإصرار على استغلال الناس سواء في السلع الضرورية أو الكمالية.
واليوم لا نصف الهاتف النقال على أنه من الكماليات بل أصبح من أهم الضروريات، إذ لم يعد دوره يقتصر على التحدث به وإنما أصبحت تنجز من خلاله العديد من المعاملات والتطبيقات، ويمكنك من إتمام إجراءات سداد فواتيرك ومشترياتك وأنت على بعد آلاف الأميال ممن تتعامل معه، وهذا واقع اليوم وتطبيقاته.
لذلك نتمنى من هؤلاء التوقف عن استغفالنا بهذه الصورة، وهي تمنيات نتطلع لأن تتعزز بتشريعات تصون حقوق كل طرف، فليس المراد أن يبيعوا بضاعتهم بأبخس الأثمان، فقط نريدهم ألا يبخسنا جشعهم حقوقنا.