علي العمودي
مساء أمس الأول وعند مدخل محطة وقود بشارع حمد بن عبدالله في الفجيرة، اعترض أحد سائقي الدراجات البخارية من تلك الأنواع التي تذكرك بالعصابات في الأفلام الأميركية، سيارة أجرة ليسمع سائقها كلاماً غليظاً حول احترام القانون والالتزام بالنظام وقواعد السلامة المرورية، وكان يصرخ بصورة لفتت انتباه كل من كانوا في المكان، وهو يرغي ويزبد ويلوح بقبضته في الهواء، مهدداً متوعداً الرجل الذي حافظ على هدوئه من دون أن ينبس بكلمة، هدوء قابله صاحبنا بالمزيد من التهديد والوعيد قبل أن ينطق وسط هدير وضجيج دراجته البخارية.
بعد قليل ذات الرجل وشلته من أصحاب الدراجات البخارية كانوا يمزقون هدوء ومتعة عشرات العائلات ومرتادي كورنيش الفجيرة الجميل بضجيج دراجاتهم والأغاني الصاخبة الصادرة من بعضهم، ويتفاقم الضجيج والإزعاج مع كل جولة جديدة لعصبة الدراجات، وهم يذرعون المكان ذهاباً وإياباً.
مشهدان يصوران حالة انفصام يعيشها كثيرون في مجتمعنا، تجد منهم من يحاضر لك في الصبح والمساء عن احترام القانون والالتزام باللوائح، وتراه أكثر من يخالفه.
تجد بعض أمثال هؤلاء ممن أنيطت بهم المسؤولية في مرافق ودوائر عامة يحدث موظفيه عن الأمانة والأداء المتميز، وهو لا يمثل القدوة الصالحة لهم، مسجلاً حالة انفصام بين ما يقول ويفعل. تجده أحد عوامل إفساد بيئة العمل جراء ما يميز آذانه وعيونه من الموظفين على حساب أصحاب الكفاءات الذين يعمل جاهداً لتجميدهم أو إبعادهم عن دائرة الضوء.
وتجد أمثال هؤلاء المؤتمنين على المال أكثر هدراً له في غير مكانه المخصص له، ومع هذا تجده يحاضر في أصول الترشيد والتقنين لمجرد أن اقتحم خلوته موظف بسيط جاء ليذكره بحقه في علاوة أو ترقية مستحقة.
حالات الانفصام عديدة وكثيرة، تتراءى أمامك وبصور عدة، حتى في العيادات والمراكز الصحية تجد طبيباً ينصح مريضه بالإقلاع عن التدخين، ثم تجده عند الباب خلفي يتلذذ بإشعال سيجارته. أو تجد خبيرة تغذية تحاضر لمجموعة من المراجعين عن الأكل الصحي للظفر بوزن مثالي بينما هي كدولاب متحرك.
لأمثال هؤلاء نقول حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. وتذكروا أن أسعد الناس الذين «يستمعون القول فيتبعون أحسنه».