علي العمودي
الاحتفاء الذي شهدته الإمارات بفوز الفتاة الباكستانية ملالا يوسف زاي بجائزة نوبل للسلام لهذا العام مناصفة مع ناشط هندي، إنما هو احتفاء بقيم العدل والخير والحق التي تنتصر وتنحاز لها الإمارات دوماً، وجسدتها رؤى ومواقف الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، منذ أن تعرضت الفتاة قبل عامين لاعتداء جبان وغادر في منطقتها بوادي سوات الباكستاني.
فقد بادر سموه للتكفل بعلاجها ورعايتها بإرسال طائرة إخلاء جوي نقلتها إلى بريطانيا للعلاج، ولمواصلة حقها في التعليم الذي كانت تريد رصاصات الغدر أن تسلبه منها، ومن حقها في الحياة أيضاً.
وليصبح فوزها بالجائزة العالمية المرموقة- كما قال سموه- نموذجاً ملهماً لمحبي السلام والمتطلعين لمستقبل أفضل.
لقد كان احتفاء إماراتياً بانتصار قيم لطالما آمنت بها الإمارات وقيادة الإمارات، بأن العلم وتعليم المرأة من مفاتيح نهضة الأمم والشعوب، ومن أدوات بناء المجتمعات السوية على أسس من التعايش والتسامح والتفاهم لما فيه الخير للجميع، بعيداً عن تلك العقليات والذهنيات الانغلاقية والتيارات الإقصائية والتكفيرية.
وهي قيم تستمد منطلقاتها من ديننا الإسلامي الحنيف، ورسالته القائمة على الوسطية والاعتدال.
وهي قيم ترفض التشويه والتدليس الذي يمارسه المتاجرون بدين الحق الذين يتخذون منه ستاراً وقناعاً للترويج لفظائعهم وممارستهم السوداء ونظرتهم المتخلفة للمرأة وحقها في التعليم.
وبأفعالهم الظلامية تلك التي لا تختلف كثيراً عن عادات الجاهلية الأولي بوأد البنات.
وهذا الإيمان العميق، والقناعة الراسخة بقيم العدل والخير والحق التي تحملها رسالة الإسلام، يقفان وراء مشاركة الإمارات في الخطوط الأولى على جبهة التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب، والجماعات الإرهابية المتاجرة بالإسلام من «داعش» و«القاعدة» و«طالبان» و«الإخوان المتأسلمين» الذين من تحت عباءاتهم خرجت كل تلك التيارات التكفيرية والإقصائية، منذ أن تحول دين الحق على يديها إلى وسيلة لتبرير غاياتها في الحكم و«الخلافة» الموعودة القائمة على جماجم الأبرياء وبرك الدماء وركام الخرائب في كل المجتمعات التي تغلغلوا فيها.
ملالا يوسف أراد لها أعداء الحياة من خفافيش طالبان الموت، وأراد الله لها الحياة فسطع نجمها في العالم، ولتسهم في تسليط الضوء على معاناة قومها في ذلك الوادي من باكستان، حيث تنشط قوى الشر والإرهاب فتمنع حتى وصول الفرق الطبية للتطعيم من شلل الأطفال الذي لا يزال يتربص بصغارهم، بينما هو على وشك الانقراض من المجتمعات المستقرة.
وبتوجيهات من قائد المسيرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة سمو ولي عهد أبوظبي، نجحت الإمارات في تطعيم أكثر من تسعة ملايين طفل هناك في إطار جهد مبارك من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد لاستئصال المرض في العالم.
إنها رؤى ومبادرات الخير، تضع الإنسان وحياة الإنسان وتقدمه وتطوره ورخاءه وازدهاره في صدارة الأولويات، ومفتاح ذلك العلم والاستقرار كأساس تنمية الشعوب.
لقد كانت تلك رسالة الإمارات، وهي تقدم أنجح نموذج للبناء الوطني في بيئة من التسامح والتعايش، وتنشر أبهى صور بناء جسور المحبة والتعاون والتفاهم بين الدول والشعوب.