علي العمودي
من جديد، يكشف الإرهاب عن وجهه القبيح، ويضرب مجدداً، وهو يستهدف أرواح بريئة في ذلك الهجوم الإرهابي البشع الأربعاء الماضي بمتحف باردو في العاصمة التونسية، بلاد الفرح والانفتاح، وهي تستعيد مسارها نحو الحياة الكريمة لأبنائها، بعد أن أراد الفوضويون والمتطرفون المتاجرون بالدين الإسلامي- الذين لا يمتون له بأية رابطة لا من قريب أو بعيد- جرها للفوضى والخراب الذي يقتاتون منه.
لم تعجب الإرهابيون والقتلة خيارات الشعب التونسي الشقيق الذي قال فيهم كلمته، بعد أن أكتوى بنيرانهم، ومحاولتهم «النهوض» به إلى الخلف!!.
كان ذلك الهجوم الإرهابي الخسيس والجبان، مثالاً لهوس يتلبسهم، وهم لا يعرفون سوى سفك الدماء وتخريب الممتلكات ونخر المجتمعات وأعطاب من فيها.
إن القتلة والمأجورين الذي هاجموا المتحف، لم يستهدفوا سياحاً ومواطنين تونسيين أبرياء فحسب، وإنما تاريخ تونس وحضارتها وإرثها الغني والعريق في التسامح والتعايش واحتضان الآخر، والذي اشتهرت به على مر العصور.
لقد جاء هجوم متحف باردو ليؤكد أن الحرب على الإرهاب والإرهابيين معركة طويلة لن تنحسر إلا باستئصال شافة هؤلاء الملتاثين، ومن يقف خلفهم ممن يزينون لهم أفعالهم، وإلباسها لباس الدين، ويغوونهم باسم الجهاد والالتحاق بحور العين.
وعبّر حجم التعاطف والمساندة العربية والدولية مع تونس عن وقوف المجتمع الإنساني بأسره في وجه هذا الجنون المتفلت والمتعطش للدم الذي يظهر في مناطق وبؤر تفريخ الإرهابيين في أجزاء واسعة من عالمنا العربي.
وقد كانت الإمارات في مقدمة الدول التي عبرت عن وقوفها إلى جانب الشقيقة تونس، وهي تتصدى لهذه الشراذم الإرهابية، وتعمل على محاصرتها واجتثاثها انطلاقاً من تضامن أخوي صادق، وفي الوقت ذاته، من رؤية أكدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في اتصاله بالرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، بضرورة مضاعفة الجهود الدولية للقضاء على آفة الإرهاب، باعتبارها خطراً على الإنسانية قاطبة، ولا تقتصر شرورها على بلد دون سائر البلدان الأخرى، وحتى أولئك الذين يرعونه ويوفرون للعصابات الإرهابية الحاقدة والمريضة الدعم والملاذ، سرعان ما سيلتظون بشروره، فغالباً ما ينقلب السحر على الساحر، والتاريخ شاهد.