علي العمودي
جاءت تصريحات سلطان السماحي عضو المجلس الوطني الاتحادي حول تأخر صدور قانون التأمين الصحي الشامل لكل المواطنين، لتؤكد الهاجس المؤرق الذي بات يمثله التأمين الصحي للجميع مواطنين ومقيمين.
وكان السماحي قد ذكر في تصريحاته الصحفية لموقع 24 الإخباري أن مشروع قانون التأمين الصحي الشامل للمواطنين قد تمت الموافقة عليه كتوصية مرفوعة من المجلس الوطني الاتحادي لمجلس الوزراء الموقر الذي أحاله بدوره منذ سنتين إلى وزارة العدل لإعداده تشريعياً، ولكن الأمر تأخرا كثيرا بانتظار المرسوم الخاص بمعالجة هذه القضية المؤرقة بعد أن كشرت شركات الضمان الصحي عن أنيابها بحجة صون الموارد من الهدر. من دون أن تقدم لنا تلك الشركات الدليل القاطع حول مقدار الهدر الذي نجحت في الحد منه- كما كانت تراه يجري سابقا، وبين واقع اليوم المتمثل في ارتفاع التكاليف والنفقات التشغيلية بصورة يشعر بها المرء مباشرة.
قبل أيام جمعني لقاء مع مسؤول كبير في الشركة الوطنية للضمان الصحي «ضمان» تركز حول ملاحظاته على ما جاء في هذه الزاوية من تعليقات على طرق تنفيذ التأمين الصحي في الدولة، والذي جاءت به الشركة المشغلة نسخة طبق الأصل عما يجري في المجتمعات الغربية من تحميل الوالدين مسؤولية الرعاية الصحية للأبناء بعد الثامنة عشرة من العمر، وكذلك رعاية كبار السن الذين يجب أن يذهبوا هناك لدور رعاية المسنين، بمفهوم المجتمعات الغربية. وألقى الرجل بالمسؤولية على الهيئات الصحية التي أوكلت له المهمة، واشتراطاتها وهي تعيش في برزخ ما بين مرحلتي الدولة الريعية ودولة الرفاه الاجتماعي. مبررا تمسكه باللوائح المشددة بأن «الضمان الصحي» ليس جمعية خيرية.
من ناحيتي لا زلت متثبتاً بقناعتي بأن ما يجري على يد شركات التأمين الصحي عندنا، وبالاستنساخ الغربي نزع الصفة الإنسانية عن الطب، ونحن نرى كيف تحولت مهنة إنسانية إلى تجارة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وأبسط شواهدها التحايل الذي يجري والرسوم المبالغ فيها في العيادات والمستشفيات الخاصة، ودخل غالبية الأطباء معها في سباق محموم بينهم فيمن سيحقق أعلى العائدات سواء باجراء العمليات أو طلب إجراء التحاليل أو صرف الأدوية، وتحول «الضمان» لشاهد على هذه «التجارة»!!