السنة الوباء ذهبت فلتذهبْ
نتنياهو يجري الاثنين أول نقاش مع القيادات الأمنية حول الموقف من الاتفاق النووي الإيراني "الديري" عصابات من الأجانب بسوق العمل المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية يعلن عن وجود إصابات في صفوف الأطفال والشباب بالسلالة المتحورة في العراق مقتل قيادي في ميليشيا حزب الله العراقية جراء انفجار عبوة ناسفة بمحافظة بابل مجلس التعاون الخليجي يدعو للتهدئة في الصومال وحل الخلافات بالطرق السلمية إيران تتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسريب تقارير سرية عن نشاطها النووي الشرطة الأفغانية تعلن عن 3 انفجارات منفصلة في العاصمة الأفغانية كابول تخلف 5 قتلى على الأقل وجريحين الخارجية السودانية تعلن أن وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت بيانا مؤسفا يخوّن تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان وينحط فى وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تغتفر السودان يطالب أثيوبيا بالكف عن "ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق" الخارجية السودانية يؤكد أن السودان لا يمكن أن يأتمن إثيوبيا والقوات الأثيوبية على المساعدة فى بسط السلام وتأتي القوات الأثيوبية معتدية عبر الحدود
أخر الأخبار

السنة الوباء... ذهبت فلتذهبْ

السنة الوباء... ذهبت فلتذهبْ

 صوت الإمارات -

السنة الوباء ذهبت فلتذهبْ

غسان شربل
بقلم- غسان شربل

الكومبيوتر أفضلُ من الإنسان. يستطيع أنْ يمحوَ جملة أو مقالة، ومن دون أن تخلّفَ أي أثر. يشطبُها نهائياً من ذاكرته وملفاته. تمنَّيت لو أنَّ الإنسانَ يمتلك هذه القدرة الذهبية. كأنْ يستدعي هذه البقعة المعتمة ويشطبُها إلى غير رجعة من عمره وذكرياته. ولا بأس أن تضيعَ سنة من رصيد يبقى متواضعاً مهما طال، فهذه السنة - التهمة لا تستحق غير مقابر النسيان. وتنتابُ المرءَ أحياناً صورٌ لا تستحقُّ النشر. كأنْ يحلم باستدعاء هذه الجريمة المتمادية شهراً شهراً، ويطلق عليها النار تباعاً لإفراغ هذه الرغبة العميقة في الثأر من قاتل خاطبنا بالجثث فور وصوله.
في مثل هذه الأيام من السنوات السابقة كنَّا نعاتب الأيام لأنَّها تفرُّ من بين أصابعنا. وكنَّا نحاول اعتقال الوقت الهارب بالمواعيد الجميلة وساعات الودّ والسهر وتبادل الهدايا. وكان الوقت يتَّسع للعناق والتعبير عن الأشواق والتحلُّق حول الموائد والضحكات. والحقيقة هي أنَّنا لم نكن نقدّر نعمة العيش العادي حقَّ قدرها. العيش بلا الكمامات والمطهرات وسهام الشك في كل بشري يقترب. لم نعرف متعة العيش العادي إلا حين دفعنا الزائر القاتل إلى حوافّ الجحيم.
لم نجرب مثل هذه القسوة المتمادية من قبل. البريطانيون الذين ذاقوا أهوال الحرب العالمية الثانية يقولون إنها أقل وحشية من هذه السنة التي أنشبت أظافرها في أعناقنا وأرواحنا. يروون أنَّ المشاعر الوطنية والقومية والإصرار على مواجهة النازية وبشاعاتها، كانت توفّر لسكان المدن المستهدفة نوعاً من التعويض المعنوي. وعلى رغم الذعر الذي كانت تثيره الطائرات المحملة بوعود القتل، كان يمكن التحايل على غاراتها. مرة باللجوء إلى الطوابق الأرضية أو الملاجئ، ومرة أخرى بالابتعاد إلى الأرياف، إذ كان صعباً على طائرات الفوهرر أن توزع الموت على هذا العدد الهائل من الأهداف. ثم إنَّه كان من مصلحة القاتل ألا ينفق قنابله إلا على الأهداف الاستراتيجية أو المواقع الحساسة. لم تكن ثمة جدوى من قتل الناس العاديين، وهو ما يستعذب القاتل الحالي ممارسته. الفرنسيون الذين ذاقوا إذلال رؤية هتلر يتمشَّى متغطرساً في جادة الشانزيليزيه يقولون إنَّ مرارات تلك الأيام أقل من مرارات هذه السنة التي تستعدُّ للفظ أنفاسها. كان هناك شعور عارم بالغضب. رغبة كثيرين في المقاومة. جنوح قسم إلى التعامل. أمل بانقضاء موسم الذل. وكانت بعض العائلات تخبئ المقاومين في غرفها الدَّاخلية، أو تجازف وتحمل إليهم الخبز في أماكن تواريهم. كان الخوف حاضراً. وكان الموتُ وارداً. لكنَّ الإنسان لم يقف صاغراً ومشلولاً، على غرار ما وجد نفسه في خضم هذه الجائحة.
ليس بسيطاً أن يقول الناس إنَّ الحرب وإن كانت عالمية تبقى أقلَّ وحشية من الوباء. في الحرب تعرف عنوان خصمك. والذرائع التي أوردها للانقضاض عليك. تعرف الجهة التي يأتي منها الخطر. الموقع الذي تنطلق منه النيران. تختبئ وتبتعد. تحصل على مساعدة من قريب. تلقي برأسك على صدر ذويك. تكفكف دموع أمك. تمشي في جنازة صديقك. من يصدق أن المرء بات يشتهي العودة إلى زمن للإنسان فيه حق إلقاء نظرة الوداع على قريب مغادر في رحلة لا عودة منها.
لم يقرع القاتل المتسلسل الباب، ولم يستأذن في الدخول، ولم يمهد لجريمته بذريعة أو إنذار. انتشر كالهواء، وتدفق كالمطر، وتسلَّل إلى القارات والدول والمدن والقرى غير آبهٍ، لا بترسانات ولا بحصانات.
لم نكن نقيم في عالم وردي قبل إطلالة «كورونا». والصحافي العربي دفتر آلام في الأيام العادية، فكيف حين تجتمع النوائب. ولم يكن العقد الماضي بسيطاً ولا سهلاً ولا لذيذاً. ولطالما شعرت أنني أمارس في الصحافة دور حفار قبور، إذ كنت أتدخّل في غالب الأيام لأعثر على مكان في الصفحة الأولى لمذبحة جديدة أو مقتلة واسعة. كان ذلك يوم التقت مصلحة أهل الظلام بمصلحة أهل الظلم في تحويل «الربيع العربي» فخاً هائلاً لإغراق الشباب الغاضب في أمواج الوحل والدم. وكنا نتذمَّر من الصفحات الأولى المثقلة بالجثث الوافدة من هذه العاصمة أو تلك المدينة. وقلنا لبعض الوقت إن منسوب القتل انحسر بعدما انحسر الشباب من الساحات بفعل الغارات أو الالتفافات، وتوهمنا أننا غادرنا منطقة القتل في إجازة طويلة. كانت الحسابات غير دقيقة، فقد وجدنا أنفسنا فجأة في عهدة «كوفيد 19»، وصار علينا أن نتخصص في كوارثه وسلالاته.
لا أريدُ الكتابة عمَّا فعله القاتلُ المتسلسل باقتصادات العالم. الخسائر غيرُ مسبوقة والحساب مفتوح على المزيد. ولا أودُّ الخوض في تأثير «كورونا» على توزع المقاعد في نادي الأقوياء، والموقع الذي ستشغله الصين في السنوات المقبلة. ولا أريد التكهن بقدرة بايدن على الإفادة من تعطش بعض الدول إلى أميركا القادرة على إدارة تحالفات واسعة لمواجهة الصعود المقلق لقوى لا يمكن اتهامها باحترام حقوق الإنسان. ولا أرغب أيضاً في الحديث عمَّا أكدته الجائحة عن حاجة الشعوب الملحة إلى حكومات تتسم بالكفاءة والنزاهة وإدارة عقلانية للموارد، وبناء مؤسسات صحية وإنقاذية متطورة. حكومات تستعد للكوارث البيئية ولأي جائحة مقبلة.
لا أريدُ كل ذلك. أتطلَّع فقط لأن أرى السنة تغادر سريعاً كمجرم اقترف من الذنوب ما يفوق طاقته على الاحتمال. أحبُّ أن يتوقف القاتل المتسلسل عن اصطياد الناس. وأريدُ أن أحييَ الحراس الحقيقيين، أعضاء «الجيش الأبيض»، الذين وقفوا على خطوط النار في المستشفيات والمختبرات يحاولون رفع مشعل الأمل في عالم مختنق بسعال المصابين وصمت المغادرين. أريدُ أن أرى الإنسان ينتصر على السنة الوباء.
2020 سنة الوباء. سنة القاتل المتسلسل. سنة الحرب العالمية الثالثة. لا أسف عليها. لا تستحق دمعة ولا تلويحة منديل. سنحتفل بموتها بعدما احتفلت بموتنا. ولن ننسى أن نشكر الكتاب والصحافيين والممثلين والعازفين، وكل من ساعدنا على مقارعة الوقت والإقامة سنة كاملة في هذا المعتقل الكبير الذي نسميه العالم. سنرميها إلى غير رجعة كجوارب متسخة بالغدر والدم. ذهبت فلتذهب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السنة الوباء ذهبت فلتذهبْ السنة الوباء ذهبت فلتذهبْ



GMT 20:50 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

لغة الإنسان

GMT 20:48 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

تجربة البحرين في التعامل مع كورونا... نجاح مبهر

GMT 20:41 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

الأستاذ فوزي والتلميذ بليغ

GMT 20:38 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

خليل حيدر وجريمة النخب العربية!

GMT 20:36 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

الرأي الذي لا تريد سماعه

GMT 12:44 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

عازف غيتار هندي ينشر فيديو لحفلة مع 2 من الببغاوات

GMT 05:37 2016 الأربعاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

بيب غوارديولا يسعى إلى ضم قائد "شاختار" الأوكراني

GMT 19:25 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

جيسي عبدو تشارك في مسلسل "فخامة الشك" أمام يورغو شلهوب

GMT 00:22 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

اختيار "ميدان" كأجمل مضامير سباقات الخيول العالمية

GMT 15:27 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع خلّابة ومميزة زوريها في مالطا لشهر العسل

GMT 05:02 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

برنامج أفلام وندوات مهرجان القاهرة السينمائى الخميس

GMT 16:22 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع "أيلا الجبل الأخضر" في عمان طابع خشبي وأنشطة متكاملة

GMT 00:15 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

علاج مفاجئ للصلع باستخدام مادة لتقليد رائحة خشب الصندل

GMT 03:39 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

آرسين فينغر يضم النني إلى تشكيلة أرسنال أمام سوانزي سيتي

GMT 09:43 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أنواع الماسكرا المختلفة وطرق استخدامها

GMT 14:12 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

فندق مارينا الكويت يستقبل رأس السنة الجديدة بعروض مميزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
2023 جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates