بقلم ـ أسامة الرنتيسي
ليس بعيدا كثيرا عن أجواء الكورونا، فنحن نأكل ونشرب وننام ونصحو ونتهاتف على الكورونا، ولا شيء في العالم هذه الأيام إلا الكورونا وانتشارها وانحسارها بانتظار الفرج ولعله قريبا إن شاء الله.
لكن؛ ليس كل ما يتداوله سكان العالم الافتراضي القابعين خلف أجهزتهم الإلكترونية ــ معظمنا وصل إلى مرحلة الإدمان ــ من فيديوهات وصور ونكات ودعابة وثقافات فارغة قتلًا للوقت، بل إن بعضَه أو مع المبالغة معظمه يخلق ثقافات إيجابية يتم تبادلها بين الناس بعد أن اغترب الكثيرون عن الكِتاب.
أجمل ما وصل إلى هاتفي الخلوي خلال اليومين الماضيين رسالتان كان الهند والهنود محورهما، فيما كانت الرسالة الإنسانية فيهما عميقة، بحيث فرضت عليّ أن أنقلها إلى قرّاء موقع الأول نيوز إذا سمحوا بذلك، وإذا طال صبرهم في قراءة المقالة إلى الآخر.
جاء نَصُّ الرسالة الأولى مع صورة للجيش الهندي: “الهند تملك عاشر أقوى جيش في العالم، وتملك (٥) آلاف قنبلة نووية، وهم من اخترعوا الهوتميل والـ USB، ودخلوا مجال المريخ قبل سنة بمركبة فضائية هندية ١٠٠٪، وفيها أكثر رجال العالم ثراءً، فوق كل هذا رئيس جوجل هندي، ورئيس مايكروسوفت هندي، ورئيس ماستر كارد هندي والعربي مازال يقول: شايفني هندي؟!!!.. لا والله شايفك عربي.
الرسالة الثانية، تملك مِن العُمق الإنساني، بحيث ختمها مَن أبدع في صياغتها بعنوان مدهش؛ (ثَمنُ الإنسانية)، وهل للإنسانية ثمن في زماننا المقلوب هذا الذي نعيش أحلك ظلماته؟.
تقول الرسالة: “مهندس هندي كان يجلس في مطعم في الهند، أول ما أحضروا له صحن الأكل لاحظ وجود ولد وبنت صغيرين من الفقراء واقفين يتطلعان إلى صحنه من خارج المطعم عبر الزجاج، فنادى الولد والبنت وأمرهما بالدخول إلى المطعم، دخلا وقعدا إلى جانبه، وطلب منهما أن يختارا شو حابين أن يأكلا، الولد أشار للصحن اللي قُدّام المهندس، قام المهندس وطلب صحنين كمان للولد والبنت وظل جالسًا معهما . بعد ما خلصا من الأكل قام المهندس يستلم فاتورة الحساب، فتفاجأ بأن الفاتورة فاضية ومكتوب فيها من صاحب المطعم : ”نحن لا نمتلك آلة حسابية تستطيع حساب ثمن الإنسانية”.
ثمن الإنسانية يحتاج إلى ترجمة حقيقية في بلادنا خاصة هذه الأيام، بحيث لا تنحصر في أعمال الخير الدعائية والمُتلفزة، والأسئلة في هذا الموضوع كثيرة؛ أبرزها:
لِمَ لا يلتفت المحسنون والمتبرعون إلى تأمين مستشفيات بأجهزة التنفس وغسل الكُلى على سبيل المثال، وهم يعرفون أن مستشفيات كثيرة في المملكة تعاني نقصا في هذه الأجهزة؟.
أليست مُدننا وقرانا ومخيماتنا بحاجة إلى مكتبات وحدائق عامة، أليس في هذه الأعمال أوجه خير، أليس تعليم الطلاب الفقراء وحفظ كرامات العائلات المحتاجة، ومسح الحزن من عن وجوه الأيتام، فعل خير.
ونحن على وجه الشهر الفضيل، لِمَ التباهي والتسابق فقط في شهر رمضان إلى فعل الخير وبعد ذلك تغلق الأبواب وكأن الفقر موسمي يُخفي أنيابه بعد رمضان.!
شايفينا هنود؟!! لا والله شايفينكم عرب…
الدايم الله…..