بقلم ـ أسامة الرنتيسي
صحيح أن العالم، من حولنا يتغزلون بنجاحنا في مواجهة فيروس الكورونا، إلا أن كل هذه المدائح لن تفيدنا إذا فلتت الأمور من بين أيدينا، وإذا لا سمح الله دخلنا في موجة ثانية أصعب واقسى من الموجه الأولى.
مَن شاهد فيديو الدبكة التي نصبها الشباب أمام كرفانات البحر الميت في اليوم الثاني لوصولهم أرض الوطن سالمين غانمين، ضاربين عرض الحائط بكل إجراءات الحجر الصحي يضع ألف علامة سؤال وسؤال، إزاء الأحوال المقبلة، والتخوفات من أن يكون بعض طلابنا يحملون فيروس الكورونا من البلدان التي قدموا منها..
ليس هذا ما كنت أود التركيز عليه في مقالتي هذه وإنما قضية تجار الكمامات، ولِمَ جاء أمر الدفاع متأخرا في الالتزام بارتداء الكمامات في الأماكن العامة.
بداية؛ منذ اللحظات الأولى في معركة الكورونا، ونحن نستمع إلى آراء متناقضة ومتباينة من قبل الأطباء حول ارتداء الكمامات، كانت معظمها تركز على أن ارتداء الكمامات تُعني الأشخاص المصابين حتى لا يتأثر مَن حولهم، أما ارتداؤها من قبل العامة ففيها مضار أكثر من منافعها.
شخصيا؛ استمعت لأكثر من طبيب أردني وعربي عبر وسائل الإعلام كافة، جاءت أقوالهم متناقضة في قضية ارتداء الكمامات.
حتى أن كثيرًا من المسؤولين عندنا لم نشاهدهم في مؤتمراتهم الصحافية، ولا في جولاتهم الميدانية يرتادون الكمامات، فلِمَ تحولت الكمامة بقدرة قادر إلى قضية مركزية ليخرج بها أمر دفاع يحاسب من لا يلتزم بها بالغرامة المالية من وإلا…وبعد أمر الدفاع لم نر مسؤول يرتدي كمامة.
قضية الكمامات فتحت حوارات واتهامات عديدة، وباتجاهات مختلفة، فطرحت تساؤلات كثيرة عن ضرورة توفير هذه الكمامات للناس أولا قبل أن يتم فرضها بقانون، ويجب توفيرها مجانا.
وثانيا؛ تجارة الكمامات بدأت منذ الأيام الأولى، حيث ارتفعت اسعارها 400 %، ووصل الأمر إلى عدم توفرها بالأسواق، وهذا يحصل أيضا هذه الأيام، فهي ليست متوفرة في الصيدليات، والإعلان الذي اطلقه وزير الصناعة عن توفرها في المؤسستين المدنية والعسكرية وبسعر ثمانية دنانير للعلبة الواحدة يحتاج إلى تدقيق، لأن كثيرين اشتكوا من عدم توفرها.
في الـ 48 ساعة الماضية راجعت ستة صيدليات في منطقة ضاحية الرشيد من بينها فارمسي ون للحصول على باكيت كمامات فلم أتمكن من ذلك، وتوفر في بعضها كمامات سعر الواحدة 18 دينارا، وأخرى بأربعة دنانير ونصف الدينار، فهل أصبح توفير كمامات من أساسيات الحياة الجديدة.
في الازمات يظهر “تجار الحروب” وهم كثيرون للأسف، يستغلون كل شيء من أجل تضخيم أرباحهم، أتمنى أن لا يكون قرار الكمامات فرصة لظهور ” تجار كمامات” في لحظة لا تحتمل أوضاع المواطنين أي استغلالات جديدة.
الدايم الله…