خُلقت القوانين من أجل تنظيم وخدمة مصالح الناس وليس العكس.
والقوانين باستثناء الإلهية منها قطعية الثبوت المنزلة من السماء هى وحدها التى لا يجوز التلاعب بها أو تطويعها أو محاولة تعديلها بالحذف أو الإضافة جزئياً أو كلياً.
الدستور هو أبو القوانين، ومن أثينا إلى روما إلى المدينة المنورة إلى الثورة الفرنسية إلى الدستور البلجيكى إلى دستور 1923، واسترشاداً بأفكار المؤسسين الأوائل فى الولايات المتحدة و«الماجنا كارتا» فى بريطانيا، كل النصوص يؤخذ منها ويرد عليها، قابلة للحذف أو الإضافة، شريطة أن تكون معبرة عن مصالح الأغلبية صاحبة حق التصويت، ومن خلال أدوات ووسائل ديمقراطية شفافة متفق عليها.
وفى حالة الجدل الدائر الآن فى مصر، حول تعديل بعض مواد الدستور، لا أحب أن ألف أو أدور أو أستخدم من الحجج غير تلك التى أقصدها، لذلك أحدّدها على النحو التالى:
1 - كان رأيى، منذ قرأت مسودة الدستور الأخير، أنه فى كثير من مواده نظرى، يسعى لتسجيل موقف تاريخى، أكثر منه عقداً واقعياً عملياً قابلاً للتطبيق فى تحديد علاقة السلطات ببعضها البعض. قلت ذلك وكتبته فى حينه.
2 - إن حجم التحديات التى تواجه مصر لا يمكن لأى رئيس، أو أى حكومة، أو أى نظام، أن يحدث معها النقلة النوعية المطلوبة فى فترتين فقط، كل منهما 4 سنوات.
3 - إن حالة الرئيس عبدالفتاح السيسى استثنائية لـ3 أسباب:
أ - لأنه جاء بعد ثورة شعبية.
ب - لأنه ورث انهياراً كاملاً فى الاقتصاد والأمن.
ج - لأن حجم أحلامه وطموحاته غير مسبوق.
لذلك فإن المطلوب ليس تشريع وضع أبدى بقدر ما هو تشريع يوائم الحاجة التاريخية الاستثنائية.
4 - إن التعديل تفرضه ضرورة التحدى وتأكيد «شرعية الإنجاز» الذى قام به الرجل فى زمن قياسى بشكل غير مسبوق.
5 - فى البداية والنهاية، الذى سوف يقترح ويعتمد التعديلات هم ممثلو الشعب، والذين سوف يقترعون عليها هم الناس، والتى ستجدد الثقة بالرئيس الحالى هى قاعدة الناخبين.
6 - يقول «مونتسكيو» إن الشعب وحده هو مصدر السلطات، لذلك اتركوا للناس أن يقولوا ماذا يريدون؟ وماذا يحتاجون؟ بدلاً من افتراض مناقشات جدلية بيزنطية.
لسنا وحدنا الذين قمنا بتعديل مواد أساسية فى الدستور، مثل: فرنسا وألمانيا، وأخيراً أكبر دولة فى العالم وهى الصين، التى عدلت مدد حكم الرئيس، وأصدت تعديلاً يجيز للرئيس الحالى أن يبقى مدى الحياة، لأنه الزعيم الذى استطاع أن ينجز معدل تنمية للصين من 10 إلى 12٪ لمدة عشر سنوات متتالية.
هنا وقف الحزب الحاكم، والمجلس الوطنى لأكبر دولة فى العالم أمام السؤال العظيم: هل نخسر الرجل وإنجازاته من أجل المحافظة على نص جامد، أم يتم تغليب المصلحة العامة للبلاد والعباد، بصرف النظر عن نص وضعه بشر، ويمكن أن يعدّله بشر من أجل صالح مجموع وكل البشر؟!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد